إدلب على صفيح ساخن… فهل نشهد تصعيدا عسكريا؟
أحمد إبراهيم (إدلب)
تشهد مختلف خطوط التماس بين الفصائل المسلحة والجيش السوري في إدلب عمليات قصف وقنص متبادلة، بالإضافة إلى محاولات تسلل ليلية تتبعها الجيش السوري مؤخرا، وهي استراتيجية عسكرية تسبق أي عمل عسكري تضاف إلى عمليات القصف الجوي خلف خطوط التماس وإنهاك العدو منها، وسوق الادعاءات والتخمينات لتبرير أي عمل عسكري جديد.
محاولات تسلل ليلية وقصف مدفعي متبادل
طال قصف الجيش السوري قرى وبلدات جنوب إدلب، من قواعدها النارية في منطقة معرة حرمة وبسقلا وحاس، كما استهدفت بلدة عين عيسى في جبل الأكراد ضمن سلسلة جبال الساحل انطلاقا من قواعدها في ناحية ربيعة في جبل التركمان ومن معسكر جورين والذي استهدف بالصواريخ قرى سهل الغاب.
بالمقابل كثفت هيئة تحرير الشام من قصفها على مدينتي معرة النعمان وكفرنبل ومحيطهما، حيث يتواجد ثقل عسكري للجيش السوري جنوب إدلب، وتعتمد في هذا القصف على راجمات الصواريخ من نوع “غراد” المثبتة على مركبات سريعة المناورة لمنع رصدهم من طيران الاستطلاع الذي لا يفارق سماء المنطقة، وعلى المدافع الميدانية.
استطلاع بالقوة
بحسب مصدر عسكري من الجبهة الوطنية للتحرير بحديثه لـ “ملفات سوريا”، حاول الجيش السوري الليلة الماضية التسلل إلى محور بلدة تقاد غرب حلب، انطلاقا من خطوطها المتقدمة غرب بلدتي بسرطون وتديل، بهدف الكشف عن الوسائط القتالية والبحث عن نقاط الضعف، ومن المحتمل أن تتكرر هذه العملية أكثر من مرة بحسب التجارب السابقة.
وأعلنت “تحرير الشام” عن تمكن مجموعة من قناصيها الليلة الماضية منع مجموعة تابعة للجيش السوري من زرع ألغام على محور بلدة فليفل، وكذلك تمكنها من قنص عنصر للجيش على محور بلدة بالا غرب حلب، وبحسب مصدر عسكري فقد قتلت مجموعة كاملة للجيش السوري بعد وقوعهم في حقل الغام يوم أمس أثناء محاولتهم التسلل على محور جنوب إدلب، هذا ونعت صفحات موالية 7 عناصر من مرتبات الفرقة الثامنة دبابات بينهم ضابطان على جبهات إدلب.
قصف خلف خطوط التماس
تناوبت اكثر من 6 طائرات حربية روسية يوم أمس الأحد على قصف منطقة عرب سعيد والسجن المركزي وأحراش الشيخ بحر وباتنته غرب إدلب بأكثر من 27 غارة جوية، وهذه المناطق من المعروف عنها بحسب مصدر خاص لـ”ملفات سوريا” أنها مناطق يسيطر عليها تنظيم حراس الدين.
إلا أن التنظيم عمل على إخلاء وتخفيف مقراته في المنطقة خلال الفترة السابقة بعد تمكن “تحرير الشام” من حل غرفة عمليات “فاثبتوا” بالقوة في شهر حزيران الماضي، والتي كان حراس الدين أكبر المؤسسين لها.
مصدر مقرب من هيئة تحرير الشام قال لـ”ملفات سوريا” إن “الهيئة” لم ترغب في تحويل الجماعات الجهادية ضمن “فاثبتوا” إلى خلايا نائمة على غرار خلايا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” في حال القضاء على جسمها العسكري، فحاولت سابقاً بطرق لينة إثناء تلك الجماعات عن تشكيل كيان واحد يزيد من قوتها على الرغم من الاستفزازات المتبادلة بينها، وبالفعل فرضت قرارها على حراس الدين على الرغم من عدم حل التنظيم بشكل كامل.
تلميح روسي
جددت وزارة الدفاع الروسية على لسان رئيس مركز المصالحة الروسي اللواء ” الكسندر غرنيكيفيتش” ، أمس الأحد، اتهامها لهيئة تحرير الشام بالتخطيط لتنفيذ ما قالت إنه “استفزازات كيماوية” في القطاع الجنوبي من منطقة خفض التصعيد في إدلب، والذي حدد مدينة أريحا وبلدة بسامس كمسرح منطلقاً لها.
وتثير هذه التصريحات جملة من التساؤلات في توقيتها، وفيما إذا كانت موسكو تسعى من خلالها كسر اتفاق إيقاف العمليات العسكرية في إدلب والذي تم توقيعه مع أنقرة في الخامس من آذار (مارس) الماضي، وبالأخص بعد تسريب وسائل إعلام روسية عن تقديم روسيا عرضاً لتركيا لتخفيف تواجدها العسكري وبالأخص ضمن المنطقة الواقعة جنوب طريقM4.
الأمر الذي يشير بحسب القائد العسكري “أبو ايمن” في الجبهة الوطنية للتحرير بحديثه مع “ملفات سوريا” الى نية روسية شن عملية عسكرية جنوب إدلب في منطقة جبل الزاوية على وجه الخصوص، وهي عملية مراوغة روسية جديدة للضغط على تركيا ونزع الحجج لتبرير أي عمل عسكري لها.
الواقع الحالي يفتح احتمال استخدام التصعيد الميداني من قبل روسيا لممارسة ضغوطات بهدف تسريع الوصول إلى تفاهم كامل من وجهة النظر الروسية مع تركيا، وخاصة مع مساعي أنقرة في مفاوضاتها مع روسيا إلى تثبيت اتفاق دائم وشامل لإطلاق النار، يحافظ على مناطق النفوذ الحالية، تمهيداً لترتيبات الحل السياسي النهائي.