كيف تحولت الشركات الروسية في سوريا من القتال إلى الحراسة الشخصية
جوليا العبد (دمشق)
انتشرت شركات الحماية الأمنية في سوريا مع تصاعد الأحداث العسكرية في أرجاء البلاد، وشُرعنت بمرسوم جمهوري عام 2013، وأنشأت وزارة الداخلية السورية مكتباً خاصاً لمثل هذه الشركات، ومن الممكن في أحيان خاصة أن يقوم هذا المكتب بدور المكلف لهذه الشركات ببعض المهام.
أصبحت هذه الشركات تجد لنفسها مجالات عدة للعمل، إذ يتم الاستعانة بها من تأمين ومرافقة سيارة لزوجات وأبناء التجار، إلى حماية البنوك والفعاليات الاقتصادية والمهرجانات الفنية، والحفلات الخاصة، لكن هذا الغطاء الميداني لعملها يخفي العديد من النشاطات الأمنية القانونية وغير القانونية.
التقت “ملفات سوريا” مع أمين وهو أحد العاملين القدامى في إحدى هذه الشركات ليتحدث عن بعض خفايا العمليات الخاصة التي تنفذها شركته، فيقول: في البداية تقدمت إلى العمل في الشركة والتدرب على المرافقة الشخصية لشخصيات هامة، وكنت أعتقد أن الأمر لا يتعدى ذلك، ولكن مع التوسع في عمل الشركة وانضمام عدد أكبر من العاملين، أصبحنا نقوم بخدمات المراسم لشخصيات عامة ومعروفة دولياً تزور سوريا بشكل غير رسمي، إذ نلتقي بالوفد من دخوله الحدود وحتى خروجه منها، ونعمل على حمايته في تجواله داخل الأراضي السورية، وأثناء قيامه باجتماعات مع أشخاص غالباً يكونون من القيادة العليا للجيش أو أجهزة المخابرات، ولم يفصح أمين عن أية أسماء ممن قام بالمشاركة في مرافقتها أو لقائها أثناء عمله.
تقدم شركات الحماية في سوريا رواتب مشجعة للشباب تتراوح بين 150 ألفاً في البداية وتتصاعد لتصل إلى 300 ألف، بالإضافة إلى عدد من الحوافز والمكافآت بحسب المهمة الموكلة، كما تقوم كل شركة وبحسب مجالات عملها بتدريب كوادرها فترات متباينة حسب المهمة التي سيقومون في تنفيذها، إذ يتلقى الجميع في البداية تدريبا بدنيا عاليا وكيفية حمل السلاح، ومن ثم يخضع البعض لدورات في الدفاع عن النفس والاشتباكات المسلحة بمختلف الأسلحة، وقتال الشوارع، ويشرف على التدريب العديد من ضباط الجيش السوري أو الخبرات العسكرية الأجنبية، وعلى رأسها الخبراء الروس والإيرانيون، وذلك بحسب مصدر من داخل شركة حراسة تعنى بتقديم خدمات الحماية لعدد من حقول النفط والغاز في البادية السورية، إلى جانب خدمة مرافقة شاحنات البضائع الغذائية من معامل في الشمال السوري إلى دمشق والحدود الأردنية واللبنانية، وأفواج الحجاج الإيرانيين والعراقيين.
ويضيف المصدر أنه على الرغم من أن عدد الشركات في تزايد إلا أنها في مجملها تتبع للسيد أبو علي خضر، وهو رجل أعمال سوري برز اسمه في العديد من القطاعات السياحية والاقتصادية في السنوات الأخيرة، وخاصة امتلاكه لشركة إيماتيل للاتصالات المورد الأساسي لموبايلات الأي فون الحديثة في سوريا، على الرغم من أن العقوبات الأمريكية قد طالته كفرد، ويبين المصدر أن التعامل مع المعلم أبو علي تعامل جيد ومنصف على عكس العديد من الأشخاص الذين يتولون إدارة بعض المشاريع التي توظف الشباب برواتب قليلة مستغلة الوضع المعيشي الصعب، ولا يستبعد المصدر أن يكون لعلاقة الملقب بأبو علي خضر الوطيدة بأمن الفرقة الرابعة وعلى رأسهم غسان بلال، الجوهر الأساسي لتكليف شركاته بشتى أنواع المهام الخاصة والتي تتطلب مهارات وكفاءات خاصة وعالية للتعامل مع هذه المهام.
وبحسب عدد من المصادر المطلعة على عمل هذه الشركات، فإنها تنقسم بين شركات تعمل بإشراف وأموال إيرانية، وأخرى بإشراف وأموال روسية، وأما وجود أبو علي خضر فهو مجرد واجهة لشخص سوري أصبح متنفذاً بشكل كبير، وجنى أموالاً طائلة في فترة زمنية قياسية.
تمتلك معظم شركات الحماية السورية فروعاً في المحافظات السورية، وتعمل على استقطاب الشباب عبر إغراءات مادية، لتوسيع كوادرها وانتشارها في مجالات عدة، منها ما هو ظاهر ومعلن، ومنها ما هو خفي وعلى درجة عالية من العمل غير القانوني الذي يقوم به عدد من المسؤولين في الدولة السورية من تهريب بضائع ومخدرات أو حتى تهريب أموال وأشخاص مطلوبين من الفصائل المعارضة أو الموالية.