رئيس حركة الشغل المدني عيسى إبراهيم لـ”ملفات سوريا”: نؤيد الفيدرالية ولكن.. و2254 حمّال أوجه
حاوره عبدالله الغضوي
أكد رئيس حركة الشغل المدني في سوريا المحامي عيسى إبراهيم أن المشكلة في سوريا، تتمحور حول مسألتين رئيسيتين؛ وجود بشار الأسد في السلطة والإرهاب، وبالتالي لا بد محاكمة مجرمي الحرب ومن أي طرف كان وتحت أية راية مارسوا جرميتهم
وأوضح في حوار مع “ملفات سوريا” أن النظام في سوريا قائم على ثلاث ركائز أساسية هي عسكرتارية علوية في غالبيتها النسبية وبرجوازية سنية بغالبيتها النسبية سنية ، و تيار رجال دين سني بأغلبه النسبي، مؤكدا أن قوة الأسد لا تتأتى من ذاته فقط، بل من ضعف تمثيلات المعارضة، فإلى تفاصيل الحوار حول المسألة الكردية ووحدة المعارضة والعلاقات مع الدول الإقليمية.
ماهي رؤيتكم حول الحل في سوريا بعد 9 سنوات من الحرب؟
لا بد للسوريين من ممارسة خيار الحياة الطبيعية خارج خياري : التطرّف أو الاستبداد المتمثلين بالإرهاب والأسد الابن، ولا بد محاكمة مجرمي الحرب ومن أي طرف كان وتحت أية راية مارسوا جرميتهم.
ونعتقد أن شكل سوريا القادم يجب أن يتمتع بشيء من اللامركزية بالحدود التي يريدها السوريون مع بقاء الحقوق الثقافية الخاصة بكافة المكونات، بمعنى أنه لا بد من الإقرار بالحقوق الثقافية والقومية، مثلاً اعتبار الثقافة الكردية جزء من الثقافة السورية العامة والهوية السوريّة واعتماد اللغة الكردية كلغة رسمية في الدولة، كما نعتقد بضرورة الإصلاح السياسي كمدخل للتغيير، ونرى عدم الاكتفاء بالتغيير السياسي واستبدال السلطة، فلا بد من أن يكون التغيير السياسي مدخلا للتغيير الثقافي، فموقع سوريا يحتم عليها التوازن بعلاقاتها واعتماد مفهوم حسن الجوار، وحل الخلافات مع كافة دول الجوار بالتفاوض ووفقا للشرعية الدولية.
هل ترون بالفيدرالية جزءاً من الحل؟
لا بد من التمييز بين الفيدرالية والكونفدرالية، فالكونفدرالية هي دول مستقلة يجمعها اتحاد مثل أوروبا، بينما الفيدرالية هي دولة واحدة، وقد طرحنا مفهوم المقاطعات غير القائم على أساس طائفي أو إثني، فلا يوجد مكان في سوريا خاص بطائفة أو إثنية، وكل منطقة تضم الكثير من الطوائف، فاعتماد اللامركزية والفيدرالية في سوريا الجديدة، يضمن مراعاة خصوصيات الثقافية على أساس التوزع المناطقي لا الطائفي، وبذلك فمدخل الحل يكون بالإقرار بالفروقات والسماح لها بالتعبير عن نفسها ثقافياً بعيداً عن أي مُحاصصة سياسية فئوية من أي نوع، وبالتالي من حق الأكراد، وكذا غيرهم من القوميات الأخرى، التعليم والتعلم واستخدام وسائل الإعلام بلغتهم الخاصة واعتمادها كلغة رسمية في المناطق ذات الكثافة للناطقين بها، وهذا من حق كل العرقيات الأخرى.
لكن من ناحية الشكل هذا هو الشكل القديم للنظام البعثي؟
نظام الأسد لم يكن علمانياً، فالنظام بسوريا ديني بامتياز من حيث الاستخدام ، فسوريا في ظل البعث قائمة على ميثاق وطني غير معلن بزعمي، يتضمن تحالفاً بين عسكرتارية علوية في غالبيتها النسبية وبرجوازية سنية في غالبيتها النسبية وتيار المؤسسة الدينية التي بأغلبيتها النسبية سنية، وهذا الركائز مجتمعة هي مصدر قوة النظام بشكل أساسي، وحين نقول إن النظام غير طائفي، لا نعني أنه علماني بل هو يستخدم العصبية الطائفية على قاعدة مفهوم الولاء لضمان استمراره في الحكم، كما أن طريقة الأسد في استحضار الدين ليست استحضاراً دينياً بالمعنى الروحي، بل هو يستخدم العصبية لأي طائفة للبقاء في السلطة، فهو يقوم على مفهوم الطغمة التي تستخدم العصبيات لبقائها في السلطة، فرأس الدولة يملك كل الصلاحيات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
هل القرار 2254 كفيل بتغيير هذه المنظومة القائمة على التجذر طائفياً أو دينياً أو التحالفات؟
القرار 2254 هو قرار حمّال أوجه، فهو مثلاً لم يبحث مصير الأسد الابن، لذلك وحتى لا يكون هذا القرار مدخل تسوية تاريخية تتم بين جناحي خراب سوريا التطرف – الإرهاب من جهة والاستبداد – الديكتاتورية من جهة أخرى، للاستمرار بحكمنا كسوريين وكسوريات، يجب الإصرار على متلازمة تجمع بين مرجعية جنيف القرار 2254 ومحاكمة مجرمي الحرب من كل الأطراف، حتى لا يصبح المتسببون في الخراب بحجة الوحدة الوطنية والتسامح دعاة سلم وأمراء حكم لاحقاً، بالإضافة إلى أن المشهد السوري يفتقد لتمثيل القوى الراغبة بالتغيير في سوريا، نحن أمام نظام سياسي من جهة وتمثيلات معارضة تنفذ أجندات البلاد التي تتواجد فيها، فلا يوجد تمثيل للشعب السوري الراغب في التغيير.
محاكمة مجرمي الحرب ألا تعتقد أنها تزيد من عصبة الدولة في سوريا؟
هناك شروط قانونية يجب أن تتوافر في محاكمة جرائم الحرب ليطلق عليها جريمة حرب، وبالتالي مجرمو الحرب في سوريا ليسوا بالعدد الكبير، ولذلك ندعم مرجعية جنيف مع محاسبة مجرمي الحرب، حتى لا يتحول الأمر إلى محاصصات طائفية أو إثنية، ليتكرر السيناريو الذي حصل نسبياً في الثمانينات، فلابد من محاربة مرتكبي الجرائم لبدء السلم الأهلي المستدام.
هل تعتقد أن مسألة رحيل بشار الأسد لا تزال مسالة واقعية سياسيا؟
قوة الأسد لا تتأتى من ذاته فقط، بل من ضعف تمثيلات المعارضة، التي لا تتجاوز المنصات التي تتبع للنهج السياسي لدول أخرى، بالإضافة لوجود تيارات متطرفة تمتطي مفهوم الثورة وتنفذ أجندات دول أخرى وأنظمة مخابرات، لذلك لم يظهر للمجتمع الدولي بديل يجعله يصر على رحيل الأسد، حيث يرى المشروع الدولي أن الخيار الأقل سوءاً فيما يخص المصالح المتقاطعة هو “الأسد”، ويرى المجتمع الدولي في “المعارضة” المتوفرة طرفاً غير موثوق، في حين يرى أن الأسد الابن لديه إدارة “جيدة” للملفات الداخلية والخارجية، من حيث التزامه بالاتفاقيات المتعلقة بدول الجوار كاتفاق أضنة مع تركيا والهدنة مع إسرائيل وغيرها، كما أن لديه إدارة للمجتمع المتنوع في سوريا بالحد الأدنى، فيكون ذلك بمنزلة ركائز تجعله قابل للبقاء والاستمرار والدعم، أما المعارضة المتواجدة فهي لا تملك سردية عامة على المستوى الوطني، ونحن بحاجة لبناء سردية وطنية تتبنى إدارة التنوع وتعترف به وتعتمد القانون وتنبذ التطرف ولا تبالغ بالشعارات وتصدير الثورة …الخ عند تحقق ذلك يمكن تكوين البديل عن الأسد الابن.
كيف شكل علاقتكم مع المعارضة عموماً ومع الائتلاف بشكل خاص؟
نحن كفريق عمل نتعاطى مع الجميع، ومنذ فترة أبدى الائتلاف رغبة بالتواصل معنا، فقمنا بتواصل محدود، فنحن نرى الائتلاف بمنزلة منصة من ضمن المناخ السياسي للسياسة التركية، ولا يمثل السوريين بالمعنى العام، كما أن المنصات المتواجدة كافة لا تمثل متطلبات الشعب السوري كمنصة موسكو والقاهرة وكذا هيئة التنسيق، فهي تحمل المناخ السياسي لمكان تواجدها، بمعزل عن النوايا الطيبة لأفرادها، وفي حال أردنا تمثيل وحرية قرار نسبيين وأفضل لـ”المعارضة” ورغبنا ببناء مؤسسة “معارضة ” فيجب أن تنتقل كافة التجمعات السياسية “المعارضة” لمكان محايد وتتبنى قيم متعلقة بالانتخاب واعتماد الشفافية في مصادر التمويل وبيان مآلات المساعدات الإنسانية التي منحت لهذه الجهات ولم تصل لمستحقيها في الداخل والديموقراطية …الخ دون ذلك لا يمكن الحديث عن وجود تمثيل سياسي “معارض” يُمثّل الراغبين بالتغيير بمقابل الأسد الابن في أي استحقاق قادم.
ألا ينطبق هذا الكلام على حركة الشغل المدني؟
نحن كحركة ليس لدينا مقر لدى أحد أو تمويل مالي من أحد مطلقاً، فالحركة تتألف من أشخاص موجودين في الداخل السوري والخارج وفي كل دول اللجوء نمارس نشاطنا السياسي ورؤيتنا للحل ولسنا تابعين مالياً أو سياسياً لأي دولة، وكلامي السابق عن ضغط المناخ السياسي للمكان على السوريين المعارضين الموجودين فيه ليس بمعرض الاتهام من عدمه، بل هو حديث عن مآلات العمل في هكذا ظروف، ولتأكيد ضرورة الاجتماع بمكان محايد يعطي مساحة من الحرية لكل الأطراف السياسية السوريّة.
وأُعيد التذكير أننا كحركة نعتبر أي تواجد لقوى أو دول في سوريا، بمنزلة احتلال، وبنفس الوقت نبدي استعدادنا – من ضمن مفهوم الدولة السوريّة المستقبلية – للتعاون الجاد مع كل تلك القوى والدول وعلى قاعدة المصالح المتبادلة للوصول لصيغة ما تجعل لسوريا الدولة دوراً أكبر في المستقبل وصولاً للاستقلال التام عن كل تلك القوى والدول، والانتقال من حالة الاحتلال والتبعية الآن لتلك القوى والدول، إلى التعاون معها على أساس المصالح وتبادل المنافع والاحترام المتبادل.
هل ترى أن مسار اللجنة الدستورية يمكن أن يفضي بحل للشأن السوري؟
اللجنة الدستورية تتكون من خليط غير متجانس من المختصين وغير المختصين، انبثقت خارج إطار العمل الدستوري المنصوص عليه في الدستور السوري، وبالتالي اللجنة باجتماعاتها ومقرراتها غير ملزمة، فهي مجرد نقاش فكري يساعد باستثمار الوقت لصالح النظام، لذلك لا يمكن موضوعياً التعويل عليها. إلا إذا أُعطيت لاحقاً إلزامية دولية لتنفيذ مداولاتها.
كيف هي علاقتكم مع الروس؟
نحن كحركة الشغل نتواصل مع كافة الأطراف، فقد تواصلنا مع الجانب الأمريكي و ليس فقط مع الجانب الروسي كما تواصلنا مع الجانب الأوروبي والعربي، كما تلقينا دعوة من الجانب التركي إلا أننا لم نلبي الدعوة، ولكن مع ذلك مستعدون للحوار مع الجميع.
ما سبب اعتذاركم عن الدعوة التركية بالرغم من أنها دولة فاعلة في الملف السوري؟
في سوريا المستقبل لا بد من علاقات طيبة مع تركيا كشعب وحكومة، إلا أننا نلمس تصرف غير ملائم من الجانب التركي في الوقت الراهن، ولدينا تحفظات على بعض السياسات التركية ومنها التوافق الروسي التركي على تسليم باب الهوى لمنظمة إرهابية، وتحفظات على أخذ تركيا حصة مياه سوريا والعراق من نهر الفرات واستخدام السوريين.
مع تأكيدنا أن سوريا وتركيا كبلدين جارين لديهما حوالي ثمانمائة كيلو متر من الحدود المشتركة وتاريخ وأسر وعائلات مشتركة على طرفي الحدود …الخ كلها عوامل تستدعي منا المسؤولية المشتركة والحرص على علاقات طيبة واحترام متبادل مع تركيا كشعب وكدولة.
هل هناك طريقة لإعادة تأهيل الدولة السورية على مرتكز الوطني السوري، علما بأن الدولة الآن أمنياً وسياسياً تعد علوية؟
نعم في الجانب العسكري والأمني في سوريا نسبة العلويين فيهما أعلى من نسبتهما بالمجتمع ولكنهم ليسوا الأغلبية، موضوعياً لا يمكن أن يكون للعلويين كل الجهاز الأمني والعسكري في سوريا ولا أغلبه، فهم ليسوا النسبة المطلقة والغالبة، فأغلب الشرطة والأجهزة الأمنية في سوريا من السنة وخاصة في الساحل وحتى تاريخه، مع التذكير أن المرتكزين الأخيرين للنظام السياسي في سوريا هما البرجوازية التي تعتمد في أغلبها على السنة بالإضافة لتيار رجال الدين والمؤسسة الدينية الضخمة التي بأغلبها من السنة.
لذلك لا بد من إجراء إصلاحات جوهرية لتأهيل الدولة السورية تشمل الجيش والمناهج التعليمية وتوزيع الثروات والاقتصاد وفصل الدين عن الدولة.
هل لديكم تأثير سياسي واجتماعي في الداخل السوري؟
نعم لدينا أنصار و تأثير خاصة على مستوى طلاب الجامعات ولدينا تأثير معنوي في كافة الأوساط الاجتماعية، إلا أنه لا يمكننا القيام بالخدمات لكل هؤلاء بسبب عدم وجود تمويل مالي، كما لدينا مؤيدون على طول الساحل السوري وفي الداخل السوري وحاليا في شمال غرب سوريا وشرقها وكذا في جنوبها.
والجدير بالذكر أن حركة الشغل المدني متنوعة، إثنياً ودينياً، في إدارتها وكوادرها.