كيف يحاصر رجال إيران “الشوام” لبيع بيوتهم
جوليا العبد (دمشق)
يعاني سكان الأحياء في دمشق القديمة الكثير من المشاكل الخدمية، والتي تؤثر على حياتهم وتجارتهم بشكل سلبي، فمن غير المسموح لهم أن يُدق مسمارٌ في حائط منزلهم أو محلاتهم دون الرجوع إلى محافظة دمشق وطلب الحصول على رخصة ترميم.
يعرض “أبو علاء” أحد سكان حي القيمرية منزله الذي أصبح متهالك للبيع وبسعر زهيد نسبياً، وذلك لأنه تقدم للمحافظة بعدة طلبات لإعادة ترميمه ولكن الرد كان دائماً بالرفض، وليس هذا فقط، فلو كنت تملك (واسطة) في المحافظة للسماح لك بعمل ترميمات بسيطة ستتفاجأ بضرورة الحصول على موافقة أمنية والتي للن يتم منحها له.
وأضاف “أبو علاء” تمكن أكثر من جار له بالقيام بعدة أعمال تحديثية تتعلق بتطوير الكسوة وتغير معالم البناء من خلال الحصول على الموافقات، ويرجع “أبو علاء” ذلك كما أخبر “ملفات سوريا” كون هؤلاء الجيران ينتمون للطائفة الشيعية، أو على علاقة وثيقة برجالات الطائفة والذين يتمتعون بدورهم بعلاقات وثيقة مع أجهزة المخابرات وقيادات الأفرع الأمنية المسؤولة عن المنطقة وعلى رأسها فرع الأمن العسكري.
وقال أحد أصحاب المحلات لـ “ملفات سوريا” إنَّ تجار ينتمون للطائفة الشيعية يوسعون محلاتهم، ويعملون على اقتناص الفرص في شراء الكثير من المنازل التي يضطر أصحابها لبيعها بسبب وضعها الخدمي المزري الذي يستحيل معه العيش فيها، ويحصلون على موافقات الترميم وتراخيص الصيانة بالتوازي مع استكمال أوراق البيع والفراغ، بينما يتعذر ذلك على غيرهم من القاطنين والمالكين الذين ورثوا هذه المباني الأثرية أباً عن جد، مما يساهم في ازدياد أملاك الطائفة الشيعية على حساب الأكثرية السنية والمسيحية التي طالما كانت موجودة في تلك المنطقة، كما أنهم يدفعون أفضل الأسعار لضمان توسعهم وإحكام سيطرتهم.
وفي السياق ذاته تقول هدى التي ورثت وأخواتها محل أبيها المتوفي للشرقيات في مدخل سوق مدحت باشا والقريب جداً من حي الأمين الشيعي لـ “ملفات سوريا” أنها حاولت أن تبيع المحل عبر وضع ورقة على باب المحل والإعلان عن بيعه عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولكن في كل مرة يتم تطفيش الزبائن الذين تتفق معهم على سعر مناسب للعقار، خاصة بعد قدومهم للمحل وتفحصه، إذ أنهم ينقلبون في اللحظات الأخيرة، وأضافت أنها لم تكن تجد تفسيراً منطقياً للأمر حتى أخبرها أحد هؤلاء الزبائن أن أحد جيرانها وهو من آل نظام تواصل معه وأخبره أن السعر المطلوب في العقار غير منطقي والمحل بحاجة للكثير من العمل، وحذره من استثمار ماله في هكذا مشروع، تفاجأت هدى حينها لكنها عملت على التحقق من الأمر بسؤال صديق والداها المسيحي فأخبرها بأن الأمر حقيقي وكما رواه لها الزبون، فعائلات الشيعة في المنطقة لهم مصلحة في المحل، فهو قريب جداً من منطقتهم، ويمكن الحصول عليه بسعر زهيد خاصة أنه ورثة وكل الورثة فتيات.
كما علمت “ملفات سوريا” وبالحديث مع عدد من سكان الأحياء في دمشق القديمة، أنه حتى لو تم البيع لأشخاص من خارج الطائفة، فإن بعض السلوكيات والتعقيدات التي يعاني منها الملاك الجدد وهم يعملون على استخراج وثائق أو اثبات للقيام بالترميم، أو تحسين البنية التحتية للمباني المشتراة كفيلة بتخلي المالك الجديد عن عقاره بعد فترة من المقاومة، وكل ذلك يحصل بإشراف المتنفذين من الطائفة.
وتقوم محافظة دمشق ومنذ أشهر على إعادة تأهيل الأرضية الحجرية لسوق مدحت باشا وصولاً لحي الأمين، مدعيةً أن هذا الأمر للحفاظ على جمالية المدينة القديمة وغير مكترثة بمشاكل الصرف الصحي التي تخرب عدد كبير من تجارة السوق، المتمثلة في الخشبيات والاقمشة، مما يكلف التجار الدمشقيين خسائر كبيرة، ومع صعوبة القيام بأي إصلاح أو تجديد في هذه المحال أو خارجها لاستحالة الحصول على موافقات رخص الإصلاح والترميم التي تمنح فقط لأشخاص محددة وبمساع طائفية بحتة، يرى السيد محمد وهو صاحب محل للأقمشة ويملك مستودعاً في السوق أنها طرق جديدة لتطفيش الملاك الأصليين وتمهيد الطريق للتجار الشيعة لتوسيع تجارتهم وزيادة رقعة استملاكهم مستغلين الوضع الاقتصادي للتجار من طوائف وأديان أخرى.
وتصنف معظم البيوت والمحال التجارية في منطقة دمشق القديمة باعتبارها تنتمي للتراث، فعمر هذه المباني يتجاوز المائة عام ومنها ما يزيد عن مئتي عام، ولهذا يصبح أي إصلاح فيها ولو كان جزئياً يندرج تحت مسمى الترميم، وفي هذه الحالة فإن دهان حائط أو تغيير بلاط أو حتى بناء جدار لغرفة إضافية ليس من صلاحيات صاحب الملكية.