هذا سبب عزلي.. دليقان لـ “ملفات سوريا” مكان الدستورية دمشق
حاوره: جلال سيريس
كشف أمين حزب الإرادة الشعبية، وعضو منصة موسكو للمعارضة السورية مهند دليقان، في حوار مع “ملفات سوريا” أسباب فصله من اللجنة الدستورية خلال الجولة الأولى نهاية تشرين الأول “أكتوبر” العام الماضي.
وقال إن هذا القرار جاء بعد اقتراح من منصته بنقل أعمال اللجنة الدستورية من مدينة جنيف إلى العاصمة دمشق، حيث جرى خداع الأمم المتحدة بأنّ القرار يتضمن فصلي من اللجنة.
وبرر اقتراحه بأنَّ وجود اللجنة في دمشق، بشكل مستمر ودائم، سيلغي كل الحجج التعطيلية، ويحول العمل باللجنة إلى عمل مستمر، وليس أسبوع كل ثلاثة أشهر، ويعني أيضاً اعترافاً متبادلاً ملموساً من الأطراف المشاركة، ووضع حد نهائي لطريقة التعامل مع اللجنة على أنها “لعبة سياسية” تجري خارج البلاد، ولا علاقة لها بما يجري على أرض الواقع.
إلى تفاصيل الحوار:
– هل يمكن توضيح سبب استبعادك من اللجنة الدستورية، ومن كان المسؤول عن ذلك؟
خلال الاجتماع الأول للجنة الدستورية نهاية تشرين الأول العام الماضي، قدمت ضمن مداخلتي اقتراحاً بنقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق، مع تقديم كل الضمانات اللازمة من الأمم المتحدة للأعضاء، بعد انتهاء الاجتماع، عقد اجتماع لهيئة التفاوض، ولم يجر نقاش مداخلتي إطلاقاً، وفي صباح اليوم التالي لنهاية اجتماع الهيئة تفاجأنا بصدور قرار بفصلي من هيئة التفاوض، دون أن يتم التصويت عليه، وفق القواعد المتبعة، ولا حتى ضمن النسبة المتبعة للتصويت، وجرى خداع الأمم المتحدة بأنّ القرار يتضمن فصلي من اللجنة، رغم أنّه لا يقول ذلك، والمسؤول عن ذلك بشكل واضح هو كتلة الائتلاف.
– هل ممكن أن تحدثنا عن رؤيتك لعقد اجتماعات اللجنة الدستورية في مدينة دمشق؟
أولاً أريد أن أوضح أنّ هذا الموقف ليس موقفي الشخصي فقط، بل هو موقف الجهة السياسية التي أمثلها، أي موقف منصة موسكو للمعارضة السورية، ولذا نعتبر أنّ القرار المتخذ في الهيئة هو قرار ضدنا كجهة سياسية. ثانياً، يمكن أن أكثف موقفنا من نقل أعمال اللجنة الدستورية إلى دمشق بالنقاط التالية: – وجود اللجنة في دمشق، بشكل مستمر ودائم، سيلغي كل الحجج التعطيلية التي رأيناها خلال العام الماضي، ويحول العمل باللجنة إلى عمل مستمر، وليس أسبوع كل ثلاثة أشهر كما هو الوضع الآن، كما أن وجود اللجنة في دمشق، يعني اعترافاً متبادلاً ملموساً من الأطراف المشاركة، ولا يعود هنالك معنى ولا إمكانية للحديث عن «وفد وطني» و«وفد نظام تركي» أو ما شابه من التسميات، والعجيب في هذه المسألة أنّ رفض مقترح النقل أو عدم التجاوب معه، لم يكن من طرف القسم المتشدد من المعارضة فقط، بل ومن النظام أيضاً، بالإضافة إلى أن وجود اللجنة في دمشق، يضع حداً نهائياً لطريقة التعامل مع اللجنة على أنها «لعبة سياسية» تجري خارج البلاد، ولا علاقة لها بما يجري على أرض الواقع، ووجودها في دمشق، سيمثل تمريناً أولياً ضرورياً للمضي في تنفيذ كامل للقرار 2254 الذي ينص على تشكيل جسم حكم انتقالي من النظام والمعارضة، والدستور السوري يجب أن يكتب في سوريا وليس في جنيف، وسوريا التي كتبت أول دستور في المنطقة العربية، وساعدت 6 دول عربية في كتابة دساتيرها، سيكون معيباً بحقنا كأعضاء لجنة دستورية أن نقبل بأن يكتب دستور بلادنا خارجها…
– ما هي الضمانات التي يمكن أن تقدم للمعارضة وتحميهم من الاعتقال فور وصولهم إلى سوريا؟
نقل الأعمال إلى دمشق مشروط كما وضّحت في مداخلتي في حينه بتوفير كافة الضمانات اللازمة لحماية الأعضاء عبر الأمم المتحدة، وبالمعنى الملموس يمكن لثلاثي أستانا، وخاصة روسيا، أن تؤمّن هذه الضمانات، وبوجود الأعضاء في مكان محدد بشكل دائم، ستكون مهمة حمايتهم وضمان أمنهم مهمة سهلة نسبياً، البعض يقول إنّ هذه مغامرة، ونحن نقول هي مغامرة مدروسة، ومن يدّعي أنه ثوري ويعمل للتغيير لا يمكنه أن يقوم بخطوات آمنة 100%، بالإضافة إلى ذلك، مجموع أعضاء اللجنة 150 شخصاً، و«نظرياً» فإنّ من يمكن أن يكونوا في موضع خطر هم النصف أو أقل، وتأمين حماية لهذا العدد ضمن مكان محدد هو مسألة ممكنة، وفوق ذلك، ألا يجب السؤال عن ملايين السوريين الموجودين في مناطق النظام؟ كيف يمكن حماية هؤلاء، على الأقل بالمعنى المعيشي، وحمايتهم من الكوارث المختلفة التي يعيشونها دون حل الأزمة ودون تطبيق 2254؟ ألا يستحق هؤلاء أن نقوم بمغامرة؟ ومغامرة محسوبة وآمنة نسبياً؟
– هل ما زالت منصة موسكو تعتقد بأهمية اللجنة الدستورية؟
نعم، لا نزال نعتقد بأهميتها كمفتاح لتنفيذ القرار 2254، فللجنة وظيفتان: وظيفة مفتاح للحل، ووظيفة كتابة دستور جديد، مهمة كتابة دستور جديد لن تتحقق ضمن الظروف الحالية، والتجربة أثبتت أنّ اللجنة ستبقى تدور في مكانها ما لم تجر المباشرة بتنفيذ بقية مفردات القرار 2254 بالتوازي، والذين يسعون إلى نسف اللجنة ككل بحجة أنها لم تقدم النتائج المطلوبة، يسعون عبر ذلك إلى نسف 2254 نفسه، وأيضاً في الطرف المقابل من يسعون إلى تأبيد عمل اللجنة، يريدون أيضاً نسف القرار ونسف الحل، اللجنة يجب أن تستمر، ولكن يجب أن يتم بالتوازي العمل على المفردات الأخرى ضمن القرار، وعلى رأسها مسألة جسم الحكم الانتقالي.
– ثمة موقف قد يساء فهمه حول الاكتفاء بولايتين لرئيس الجمهورية طرحه سابقاً رئيس منصة موسكو الدكتور قدري جميل خلال مؤتمره الصحفي.. وهل سيسمح للأسد بالمشاركة في الانتخابات باعتبارنا أمام دستور جديد؟
الحقيقة أن «إساءة الفهم» و«الاستياء» يأتي من طرفين؛ فالمتشددون ضمن النظام مستاؤون من هذا الطرح، والمتشددون ضمن المعارضة أيضاً، وهذه ليست المرة الأولى التي يستاءُ فيها هذان الطرفان بشكل متطابق وغريب من طروحات نقدمها.
بالنسبة لأي انتخابات ستجري قبل تطبيق الحل السياسي، سواء في مناطق النظام أو في أي منطقة أخرى في سوريا، فقد وضحنا موقفنا من هذه المسألة مراراً، حتى حين جرت انتخابات 2014، لا معنى لانتخابات تجري خارج حل سياسي شامل، وبعد صدور 2254، موقفنا هو: لا معنى لأي انتخابات قبل تطبيق 2254، وقبل الدستور الجديد، أما بالنسبة للموقف من الأشخاص، فموقفنا هو أنّ الهدف من الشخصنة كان دائماً هو تعطيل الحل وتعقيده، فلنذهب لتطبيق 2254 كاملاً والذي سيخلق الظروف المناسبة للسوريين ليختاروا من يريدون بشكل حر وديمقراطي ونزيه، وحينها لا خوف من رأي الشعب السوري وإرادته.
– وقعتم وثيقة تفاهم مع مجلس سوريا الديمقراطية… هل دخلتم في تفاصيل توزيع الثروة وإدارة المنطقة ومصير ما يقارب 15 ألف مقاتل من قسد؟
كما تفضلت، هي وثيقة تفاهم، أي أنها إعلان نوايا مشترك، ضمن هذه الوثيقة وضعنا نقاط التقاطع الأساسية بيننا كجهتين سياسيتين سوريتين، بالإضافة إلى بعض البنود العملية حول آليات العمل المشترك لتنفيذ 2254، وللحفاظ على وحدة سوريا، ومنع عزل أي منطقة من مناطق سوريا خارج الحل، لأنّ من شأن ذلك أن يهدد الحل ككل.
بالنسبة للمقاتلين، فقد نص البند الخامس من المذكرة على وجوب الوصول إلى تفاهمات بين السوريين ككل، بحيث يجري استيعابهم ضمن جيش سوري موحد، وهذا الأمر سينطبق في نهاية المطاف، ليس على مقاتلي قسد فقط، بل على كل المقاتلين السوريين غير المصنفين على قوائم الإرهاب.
– هل هناك تغير في الموقف الروسي حيال الأزمة السورية؟
لا نعتقد أنّ هنالك تغيراً في الموقف الروسي، ربما نلمس تغيراً في التفاصيل، لكن الاتجاه العام ثابت برأينا.
– دائما كان وزير الخارجية الروسي يقول نحن لسنا متمسكين بالأسد… هل هذا واقعي اليوم في ظل ما يجري؟ ولماذا لا تسعى روسيا إلى الضغط على النظام للبدء بإخراج المعتقلين السياسيين وخصوصاً من لم يحمل السلاح والمتواجد داخل السجون منذ أكثر من ست سنوات؟
فهمُنا للموقف الروسي يتلخص بالأفكار التالية، بالتأكيد الروس يسعون لتحقيق مصالحهم، ولكن تلك المصالح تتقاطع مع المصلحة السورية العامة في إنهاء الأزمة، وسبب هذا التقاطع هو طبيعة الصراع الدولي القائم، فقوى الغرب المتراجعة من مصلحتها ألا تكون المناطق المحيطة بالقوى الصاعدة مناطق مستقرة، ولذا نراها تعمل على إشعال الأزمات بشكل مستمر في محيط الصين وروسيا، وبالمقابل القوى الصاعدة اقتصادياً تحتاج إلى الاستقرار؛ لكي تؤمن البيئة المناسبة للمشاريع العملاقة التي ترعاها، وعلى رأسها الحزام والطريق والمشروع الأرواسي.
وروسيا تعلم، كما يعلم الجميع، أنّ تحقيق الاستقرار في سوريا، لا يتم فقط عبر محاربة الإرهاب، رغم أنّ هذا أمر مهم جداً، ولكن أيضاً عبر تأمين عناصر الاستقرار الداخلي في سورية الاقتصادية والسياسية، وهذا أمر لا يمكن الوصول إليه دون تغيير جذري شامل يحقق متطلبات الشعب السوري في نظام جديد، منتج اقتصادياً وغير تابع للغرب كما هو الحال الآن، على الأقل بالمعنى الاقتصادي…