هل آن الأوان لجمع الفائدة والمتعة في المدارس السورية؟
جوليا العبد (دمشق)
حصد فيديو الأستاذ نشوان مئات آلاف المشاهدات بين ليلة وضحاها، وانقسم المشاهدون السوريون بين مستنكر لما عرض في الفيديو وبين مؤيد بشدة، مما خلق جدلاً جديداً وكبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي حول مفهوم التعليم وطرائقه الحديثة والقديمة.
يعرض الفيديو الذي لا يتجاوز الدقيقتين درسا من دروس مادة العلوم للأستاذ نشوان، وهو مدرس في إحدى الابتدائيات في محافظة طرطوس، لم يقدم الأستاذ الدرس للطلاب بالطريقة التقليدية التي اعتاد عليها طلاب المدارس السورية منذ عقود، بل استبدل التلقين وتقديم المعلومات الجافة، بطريقة غنائية وبحركات راقصة وابتسامة عريضة.
هاجم العديد من المشاهدين الفيديو، ومنهم من اعتبره تهريج وأنه مناقض لقيمة التعليم واستهزاء بالعلم وبمكانة المدرسين، في حين رأى البعض أن هذا الأسلوب يصلح فقط للأطفال في عمر الروضة، وإن احتل جزءا من الدرس عليه ألا يتجاوز الخمس إلى خمسة عشر دقيقة لا أكثر.
أبدى الكثيرون تخوفهم من فصل أو معاقبة المدرس بعد عرض الفيديو، خاصة في ظل العقلية المتحجرة الموجودة على رأس الإدارات التعليمة كما قالوا، لكن البعض علق مستهزءاً بأن وزير التربية وهو رأس الهرم التعليمي الذي قدم بوالين ملونة ولعب الرياضة في بداية العام الدراسي لن يكون لديه مشكلة في الرقص والتهريج الحاصل في صفوف المدارس.
في الجانب الآخر أيد الكثيرون هذه الطريقة وتحدثوا عن تجارب مشابهة في حياتهم المدرسية ووصفوها بالطريقة الناجحة، التي يمكن أن تجعل من المدرسة والتعليم تجربة ممتعة إلى جانب التعليم، وانطلق العديد من الأهالي في مساندتهم لهذا الأسلوب من أن أبناءهم يعيشون حالة مقاطعة مع المادة التعليمية بسبب أساليب المدرسين التقليدية وقلة الخبرة، وهم بحاجة لأسلوب ممتع ومسلي، خاصةً أنهم جيل التكنولوجيا من جهة، وجيل عاش ويلات الحرب وأزماتها من جهة أخرى، من بين المعلقين طلاب قدامى وأهال درس أبناؤهم على طريقة الأستاذ نشوان، وعبروا عن مدى الفائدة والمتعة التي أضافتها طريقته في التدريس على حياتهم وعلى تحصيلهم العلمي، ووصفوه بأنه أروع وأفضل مدرس مر عليهم.
يعاني المعلم السوري مثله مثل كل المواطنين من الأزمات المعيشية التي لا يغطي الراتب الذي يتقاضاه الأسبوع الأول من الشهر، بالإضافة إلى الازدحام في الصفوف والفروق الفردية التي سببها التهجير والنزوح، وتأخر بعض الطلاب عن تحصيلهم العلمي، أولاً بسبب الحرب في مناطقهم وثانياً بسبب وباء كورونا الذي جعل تعويض الفاقد العلمي حملاً ثقيلاً على المدرسين والتلاميذ على حد سواء.
يعاني القطاع التعليمي في سوريا الكثير من المشاكل والثغرات، إذ إن العديد من الخبرات أصبحت غير موجودة إما بسبب السفر أو التقاعد، فلجأت وزارة التربية إلى تعيين العديد من الشباب غير الحاصل على شهادات جامعية كمعلمين في المدارس الحكومة، دون النظر إلى الكفاءة، مما ينعكس بشكل مباشر على واقع التعليم الذي كان يعاني من الجمود في زمن ما قبل الحرب، وأصبح اليوم أكثر من فوضوي، يتساءل البعض حول تجربة الأستاذ نشوان وأسلوبه الممتع في إنعاش التعليم وتحسين جودته، أم أن الواقع وعقلية القائمين على قطاع التعليم ستوءد التجربة وتمنع الاستفادة منها.