فورين بوليسي: بايدن لن يقوم بشيء في سوريا سوى العقوبات
تساءل ستيفن كوك من مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، في مقال عن السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تناقش ما تفعله مع الرئيس السوري بشار الأسد. طرح الأسئلة الصحيحة المتعلقة بالشرق الأوسط “لماذا نفعل ما نعمله؟”، ولكنه لم يحصل على إجابة. ولهذا سحب القوات حيث انتهى وكأنه إعادة نشر لها. واليوم في ذكرى الثورة العاشرة والتحسر على ما جرى فيها، فالبلد يغطيه الظلام، وظل النقاش الأمريكي حول الحرب التي قتلت مئات الآلاف وشردت الملايين غير قاطع. ويدور الآن حول قبول إدارة جوزيف بايدن بانتصار الأسد؟ أم الانتظار حتى تظهر تسوية سلمية ناجحة؟ أو التعويل على العقوبات الاقتصادية والأزمات التي تضرب سوريا مع لبنان، مما سيؤدي إلى تراجع شعبية بشار الأسد بين أنصاره؟
ويرى الكاتب ألا أحد يريد التعامل مع سوريا، مما لا يترك أي خيار جيد لصناع السياسة أو إجابة واضحة. فغياب التحليل أو النقاش العام خلال أيام الحرب الأهلية السورية، اختفى منه النظر للرهانات المطروحة أمام الولايات المتحدة وما هي السياسات التي يجب عليها متابعتها. فمنذ الحرب العالمية الثانية، تابعت الولايات المتحدة سياسات تهدف لتأمين ثلاثة أمور: تأمين تدفق الطاقة من المنطقة، وحماية أمن إسرائيل، والحفاظ على القوة الأمريكية في الشرق الأوسط. وأضاف المحللون إلى هذه الثلاثة هدفين آخرين، وهما منع انتشار أسلحة الدمار الشامل، ومكافحة الإرهاب.
وعندما يتعلق الأمر بإسرائيل، جاء وقت اعتقد فيه المحللون أن الحرب في سوريا تمثل تهديدا على أمنها. وكان أداء قوات النظام السوري السيئ خلال العقد الماضي مدعاة لتجاهل هذا الخوف. إلا أن التهديد الحقيقي -على الأقل من المنظور السوري- هي إيران والتي يبدو أنها تريد البقاء في سوريا لمدة طويلة، مما سيسمح لها بتوفير السلاح إلى حزب الله بطريقة سهلة، ليواصل بدوره تهديد إسرائيل. ورد الإسرائيليون بغارات جوية على مواقع إيرانية وجماعات وكيلة لها في سوريا والعراق. ولم تكن طهران قادرة على الرد بفعالية على هذه الغارات، وهو ما خلق انطباعا أن إسرائيل تستطيع الدفاع عن نفسها من مخاطر الحرب السورية.
فيما يتعلق بالحفاظ على القوة الأمريكية في المنطقة، فسوريا هي حالة تعادل، فمن جهة، حصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على إعجاب من قادة بالمنطقة لإنقاذه نظام الأسد مقارنة مع الموقف الأمريكي الضعيف الذي رفض إنقاذ الرئيس المصري محمد حسني مبارك عام 2011. ولكن الحرب السورية، من ناحية أخرى، لم تؤد إلى تنازل أو ضعف في القوة الأمريكية ولا قدرتها في الدفاع عن مصالحها في المنطقة. ففي موضوع انتشار السلاح النووي، قام الإسرائيليون بالعبء الأكبر، وفجّروا عام 2007 المفاعل النووي السوري. وظلت الأسلحة الكيماوية التي كان من المفترض أن يسلموها بعدما توسط بوتين عام 2013، لكن الأسد لم يكن متعاونا بشكل كامل. وهذا موضوع لم يحظ بانتباه، لأن الأسلحة المتبقية ستستخدم ضد السوريين وليس في أي مكان آخر.
وما يمكن أن يجعل أمريكا مهتمة بسوريا هي عمليات مكافحة الإرهاب، ذلك أن البلد تحول لبؤرة جماعات إرهابية، بعضها قد انتهى. ولهذا على واشنطن الحفاظ على علاقاتها ودعمها لقوات سوريا الديمقراطية الكردية، رغم اعتراض عضو الناتو تركيا، التي تراهم جماعة إرهابية تابعة لحزب العمال الكردستاني الذي شن حربا ضد مصالح الأتراك. وهذا هو الوضع في سوريا، ومن هنا على صناع السياسة الأمريكيين الالتزام بالحذر ومراقبة المسرح هناك. ومشكلة بايدن أنه تعهد بوضع القيم في مقدمة السياسة الخارجية. ولكن بايدن قد يتوصل إلى نفس النتيجة التي سمعها الكاتب من شرطيين في نيويورك وهي عدم وجود رهانات أخرى للولايات المتحدة فيما يتعلق بمصالحها، سوى مواصلة العقوبات وملاحقة الإرهابيين وشجب عدوانية الأسد ضد مواطنيه، حتى يتغير شيء قد ينهي الكابوس السوري.