هل أعادت غزة الاعتبار لإيران والأسد!
ملفات سوريا (التحرير)
أعادت الحرب الإسرائيلية الفلسطينية القضية العالقة منذ سبعة عقود إلى واجهة الاهتمام العربي والعالمي مجددا، فقد توجهت أنظار العالم لمدة أسبوعين إلى الأراضي الفلسطينية لمتابعة العواجل القادمة من هناك على مدار الدقيقة، تزامن ذلك مع مفاوضات تجري بسرعة في فيينا بين إيران من جهة ودول الاتفاق النووي الإيراني من جهة أخرى.
مع دخول الساعة الثانية من فجر الجمعة 21 أيار 2021 انقطع صوت آخر رصاصة في الحرب التي خلفت مئات الضحايا والمصابين من الطرفين، فضلاً عن دمار هائل حل في قطاع غزة وعدة مستوطنات إسرائيلية، كما تعرضت تل أبيب لأضرار غير معهودة في الحروب السابقة مع حماس.
للاحتفال بما رآه الفلسطينيون نصرا كبيرا خرج عشرات الآلاف منهم إلى الشوارع، شارك في هذه الاحتفالات قادة سياسيون من خلال عدة تصريحات من مسؤولين سواء بالسلطة أو حركة حماس، كانوا متفقين على أن وقف إطلاق النار “نصرا كبيراً وصمواً أسطورياً”، فقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس إن “وقف النار لا يعني وقف النضال السلمي لأجل القدس وصد مخططات الاستيطان والتهويد الإسرائيلية إزاءها والمساس بالمسجد الأقصى المبارك”، كما قدمت الرئاسة الفلسطينية الشكر لكل من مصر وقطر والأردن والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة على الجهود التي بذلوها لتحقيق وقف النار، ونفس الموقف أصدره رئيس الوزراء محمد أشتية، حيث أشاد بنجاح الجهود الدولية التي بُذلت طيلة الأيام الماضية، والتي توجت بوقف إطلاق النار.
استياء سوري من طريقة احتفال حماس بالنصر
خلال أيام المعركة التي استمرت نحو اثني عشر يوما لم يتوقف السوريون في الداخل أو بلاد اللجوء بالتضامن مع الفلسطينيين والتنديد بالقصف الإسرائيلي على قطاع غزة، الأمر الذي تجاهله رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، من خلال توجيهه الشكر لإيران على تزويدها الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة بالمال والسلاح، ففي كلمته التي أعلن بها النصر قال إنه يوجه “الشكر للذين قدموا المال والسلاح للمقاومة، الجمهورية الإسلامية في إيران التي لم تبخل عن مد المقاومة بالمال والسلاح والتقنيات.
لم يتوقف موقف حماس عند شكر إيران فحسب، ما زاد الطين بلة هو شكر الرئيس السوري بشار الأسد على ما وصفه القيادي في حركة حماس أسامة حمدان بالموقف الثمين للأسد في “مساندته ودعمه للمقاومة الفلسطينية”، وفي حوار على قناة الميادين المقربة من إيران وحزب الله اللبناني قال حمدان إن “موقف الأسد الداعم للمقاومة ليس غريبا ولا مفاجئا، ومن يُحَيِّنا بتحية نَرُدَّ بخير منها، ومن الطبيعي أن تعود العلاقات بدمشق إلى وضعها السابق”.
تصريحات أسامة حمدان وإسماعيل هنية في شكر إيران والأسد، أثارت استياء الكثير من السوريين والدول العربية، فيرى البعض أن إيران التي نشرت ميليشياتها في سوريا والعراق واليمن لا تعرف طريق القدس على من خلال تدمير الدول العربية، حيث ارتكبت ميليشيا الحرس الثوري والحوثي وحزب الله اللبناني والعراقي وزينبيون وفاطميون وغيرها، ارتكبت وما تزال ترتكب مجازر وفظائع وثقتها منظمات حقوق الإنسان والناشطون على مر العقد الأخير، محللون لموقع ملفات سوريا اعتبروا أن موقف حماس يعد بمثابة محاولة لإعادة الاعتبار لإيران والأسد وما يسمى بـ “محور المقاومة” بعد أن بدا مكشوفاً أمام الشعوب العربية، وخصوصا شعوب الربيع العربي التي ساهمت إيران بشكل مباشر في إجهاض ثوراتها.
الإسرائيليون يختلفون حول المنتصر!
في حين أجمعت الفصائل الفلسطينية بكل أطيافها على أن حماس حققت نصرا على إسرائيل، كون الأخيرة لم تحقق أهدافها من العملية على غزة، كان الموقف مختلفا في إسرائيل، حيث وصف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، العملية بأنها “نوعية وحققت لإسرائيل إنجازات غير مألوفة، حيث حققت هدفها بإعادة الهدوء من خلال ترسيخ الردع، وتوجيه ضربة شديدة لحماس”.
على الجانب الآخر تلقى نتنياهو انتقادات شديدة على أدائه منذ بداية الحرب، واُتهم بأنه سعى لهذه الحرب من أجل خدمة مصلحته الشخصية لإفشال جهود تشكيل حكومة مناوئة له، وتقوية مكانته كرئيس حكومة، وإفشال محاكمته بتهم الفساد، لكنه رد بأن “هذه افتراءات وقد وجّهنا ضربات كاسحة لحماس وأعدناها إلى الوراء سنين طويلة، كما دمرنا تسعة أبراج وعشرات البيوت للقادة، ولا أحد من هذه الأهداف كان بريئاً، فهذه مكاتب لـ حماس ومقرات قيادة ومخازن أسلحة لها”.
على نقيض تصريحات نتنياهو كشفت صحيفة هآرتس العبرية أن نتنياهو والوزراء الأعضاء في الكابينيت يبدون قلقين من نتائج العملية العسكرية التي يُظهرها الفلسطينيون وعدد من الإسرائيليين على أنها انتصار لحركة حماس، كما أوضحت عدة تقارير على وسائل الإعلام الإسرائيلية، أن وزراء في “الكابينيت” وصفوا العملية بأنها عديمة الفائدة، لعجزها عن طرح أهداف من شأنها تغيير واقع الهجوم الإسرائيلي على القطاع، ولم تحقق أي نتيجة عملياتية ناجحة.
اقتراح مصري أوقف العملية
منذ بداية المعركة لم تتوقف الاتصالات المصرية مع الفلسطينيين والإسرائيليين على السواء لتقديم مقترحات لوقف إطلاق النار، وتمت الموافقة على آخر هذه المقترحات، حيث أعلنت كل من إسرائيل والفصائل الفلسطينية، الموافقة على المقترح المصري، فقال المتحدث باسم نتنياهو إن إسرائيل وافقت على المقترح المصري لوقف إطلاق النار من الطرفين، ودون أي شروط، كما أعلنت كل من حركة حماس والجهاد الإسلامي الموافقة رسمياً على المقترح المصري، فيما أعلنت مصر أنها أرسلت وفدين أمنيين، أحدهما إلى تل أبيب والآخر إلى المناطق الفلسطينية، لمتابعة إجراءات التنفيذ والاتفاق على الإجراءات اللاحقة التي من شأنها الحفاظ على استقرار الأوضاع هناك.