نظام الأسد يقايض الرهائن الأمريكان لديه بعودة الحوار وغطاء دولي
تنشر المادة بالتزامن مع موقع (جريدة “الناس نيوز” الأسترالية الإلكترونية)
كثر الحديث في الفترة الماضية عن مفاوضات أمريكية تجري مع النظام بخصوص إطلاق سراح الصحفي الأمريكي أوستن تايس الذي اختفى قرب دمشق عام ٢٠١٢
تعتبر إدارة ترامب أن إعادة المخطوفين الأمريكيين من عدة دول بالعالم إحدى أسس السياسة الخارجية التي تفتخر أنها حققت فيها نجاحا يُحسب لها. حيث استطاعت إطلاق العديد من المواطنين الأمريكيين المخطوفين لدى كوريا الشمالية وإيران والحوثيين ويبقى المواطنون الأمريكيون المخطوفون لدى النظام في سوريا بدون حل حتى اليوم.
الاتصالات الأمريكية المباشرة مع النظام حول هذا الموضوع لم تنقطع وهي ليست جديدة بل تعود إلى عهد إدارة أوباما واستمرت مع إدارة ترامب بجدية أكثر وعلى مستوى أمريكي عالي المستوى، الفضل بذلك يعود لوالدي الصحفي المخطوف اللذين لم يتوقفا عن مطالبة الجميع بالمساعدة، يسافران للقاء أي مسؤول أو حزب أو دولة يمكن أن يكون لها تأثير بهذه القضية الإنسانية
وهناك محاولات جدية تقريبا مرة كل عام حيث يتم التسريب عن زيارة مسؤولين أمريكيين
لدمشق ولقاء مسؤولي النظام. وآخرها ما نشرته صحيفة وول ستريت جورنال بتاريخ الأحد ١٠/١٨ – حيث ذكرت أن مستشار الرئيس الأمريكي لشؤون مكافحة الإرهاب زار دمشق هذا العام، ولكن سبقه أيضا مسؤول المخطوفين في وزارة الخارجية ومسؤول في المخابرات الأمريكية قبل عامين.
تؤكد الحكومة الأمريكية هذه الاتصالات دون الخوض بالتفاصيل سوى أنها لم ينتج عنها شيء ولكن مؤخرا ذكر مستشار الأمن القومي الأمريكي أن لديهم دلائل أن الصحفي مازال حيا، و طلب الرئيس ترامب من الأسد في رسالة رسمية عقد مفاوضات رسمية أمريكية- سورية لهذه القضية تحديدا دون نتيجة.
و هذه لعبة النظام، فالنظام يسرب معلومات وتفاصيل بشكل غير مباشر للأمريكيين عن الصحفي المخطوف دون أن يتبنى هذه المعلومات، وتتكون الفكرة لدى الأمريكان أن الصحفي عند النظام ولابد من الحوار معه لإطلاق سراحه.
النظام يريد فتح حوار مع الأمريكيين يُحقق فيه تطبيع للعلاقات وإعادة شرعيته بشكل متدرج، تبدأ من ملف مهم للجانب الأمريكي و هو بهذه الحالة الصحفي المخطوف وتنطلق إلى ملفات ثانية مثل مكافحة الإرهاب مثلاً، حيث كانت هناك قنوات لتبادل المعلومات بشكل غير مباشر، ممكن أن النظام يطلب أن تكون قناه مباشرة ولقاءات دورية وتنتقل لملفات ثانية.
الإدارة الامريكية الحالية و السابقة كانت غير معنية بتطوير العلاقات مع النظام لأسباب سياسية وقانونية وأخلاقية متعلقة بجرائم النظام ضد الشعب السوري، بالإضافة لعدم وجود شيء يستطيع النظام تقديمه بشكل منفصل عن الروس والإيرانيين ، و بالتالي هم يتحدثون فقط عن هذا الملف.
ومؤخرا ظهرت وقائع غير مترابطة توحي بوجود شيء ما يجري لحل هذه القضية
– ففي إحدى الجلسات المغلقة التي تنظمها مراكز الأبحاث في واشنطن حضرها تقريبا ٢٠ شخصا، التي تتيح مشاركة الأفكار المطروحة دون ذكر اسم الشخص، تحدث أحد السوريين المقربين من المعارضة السورية السياسية أنه يعمل كوسيط بموضوع الصحفي الامريكي المخطوف وأن الجهة السورية تعمل مع اسماء الاسد.
وحسب ما ذكره هذا الشخص “فإن أسماء الأسد تطلب جهاز تصوير طبقي محوري قيمته تقريبا ١٥ مليون دولار، وأن يتم شراؤه من الإمارات مقابل الصحفي”
شكك الحضور بهذا العرض و بجديته أو أصلا إذا كان هناك مثل هذا العرض.
وإذا كان هناك عرض ما، فالمطالب ستكون سياسية واستراتيجية وليس مثل هذا المقابل. ولكن وجود أسماء الأسد في هذه القضية هو الذي لفت الانتباه، هل هي تحاول التواصل مع الأمريكيين؟ هل هي تسوق نفسها كبديل عن بشار كشخص يخدم المصالح الأمريكية؟ وهل فريق عملها يحتاج إلى المعارضة السورية لإيصال مثل هذه الرسائل بدلا عن القنوات الأمنية التي لا تسيطر عليها ولا يثقون بها ؟؟
تبقى أسئلة من دون أجوبة و بدون معرفة جدية الأمر أصلاً.
– مؤخرا قام رئيس المخابرات اللبنانية عباس إبراهيم بزيارة واشنظن ، حيث أرسلت واشنظن طائرة خاصة له.
هذا الأمر رفع سقف التوقعات والإشاعات، لماذا الولايات المتحدة ترسل طائرة خاصة لشخصية أمنية تعمل مع إيران وحزب الله إلا إذا كان معه شخص أمريكي ( محتجز) أو يحمل معه شيء جدي و هو سبق وأن نجح أن يكون وسيطا مع إيران بهذا المجال.
وقبل زيارة عباس إبراهيم بعدة أيام، أصدر الكونغرس بيانا ،غير ملزم قانونيا،
سمح للإدارة أن تفاوض النظام بموضوع الصحفي المخطوف لأسباب إنسانية دون ان يعني ذلك الاعتراف بالنظام أو تخفيف العقوبات عليه. والكونغرس بصدد إصدار بيان جديد يطالب الإدارة أن تمارس نفوذها السياسي لإقناع المجتمع الدولي بإبقاء العزلة السياسة على النظام وعدم تبادل التمثيل الدبلوماسي معه وكأنه محاولة استباقية لطلبات النظام.
التقى عباس مع مستشار الأمن القومي الأمريكي ومع كبار المسؤولين بالخارجية الأمريكية ومع رئيسة المخابرات الأمريكية.
و نقل عنه بعض الصحفيين أنه ليس لديه أي شيء جديد بخصوص الصحفي الأمريكي، ويبدو أن التسريب الأمريكي للزيارات التي قام بها مسؤولو الإدارة لدمشق هي للقول بأننا بذلنا كل ما نستطيع لحل هذه القضية الإنسانية .
و ترافقت زيارة الضيف اللبناني مع تكهنات تناقلتها وسائل الإعلام عن طلبات النظام من الأمريكان مثل التوقف عن استخدام قانون قيصر أو تشجيع الدول على الانفتاح السياسي على النظام – العودة إلى الجامعة العربية – أو على الأقل عدم ممانعة مثل هذا الأمر وتقديم دعم مادي كبير أو ضرورة الانسحاب الأمريكي من منطقة التنف (مطلب إيراني) أو من منطقة الحزيرة ( مطلب روسي).
حتى الآن لا يوجد شيء واضح أين تسير هذه القضية، ولكن الظروف الانتخابية الصعبة التي تمر بها الإدارة قبل أيام من الانتخابات ستضع سقفا جديدا لما يمكن للإدارة القيام به أو ما يمكن أن تقدمه للنظام و خصوصا أن هذه القضية لن تؤثر على الانتخابات الأمريكية المشغولة بمواضيع داخلية مصيرية