غير مصنف

حاتم علي … الفنان الذي وحَّد غسان عبود ونقابة الفنانين السوريين

(ملفات سوريا)

لم يلقَ أي فنان سوري، ما لا قاه الراحل حاتم علي من حزن لفَّ السوريين على اختلاف انتماءاتهم (معارضين وموالين)، فالمخرج حاتم علي، تمكن من خلال ما قدمه من أعمال، أن يستوعب الطرفين، وأن يترك لسوريا إرثاً لا ينسى من أعمال ستبقى في ذاكرة الناس لسنوات عديدة.

فمن لحظة إعلان وفاة المخرج السوري حاتم علي، بدأت صوره ورسائل الرثاء تنتشر على حسابات السوريين في وسائل التواصل الاجتماعي، فلم يكن هناك اصطفافات خلال نشر نبأ الوفاة، فكان الجميع يرثيه واصفين مسيرته الفنية بالمهمة، متوحدين أمام ما أطلق العديد عليها مأساة نهاية عام 2020 للسوريين.

فالمخرج الراحل وعلى الرغم من عدم تصريحه كعدد من الفنانين حول تبعيته للمعارضة أو موالاته للنظام، إلا أنَّ تنوع أفكار أعماله التي قام بإخراجها كانت كافية لجعل السوريين يتوحدون لأول مرة متناسين موقفه السياسي (الذي لم يصرح عنه).

فمعارضو الخارج ومؤيدو الداخل من فنانين ومثقفين وكتاب ومخرجين وأناس عاديين، أظهروا جميعاً حجم الخسارة التي أحسوا بها جراء رحيل “علي”، وهذا يدل على أنه تمكن بنجاح من مسك العصا من الوسط، كونه يعلم تماماً أنه منتمٍ لسوريا أولاً، لا تهمه التحزبات والاصطفافات، فكان همه الأول والأخير تقديم فن راقٍ يعكس حياة جميع السوريين.

وبالتأكيد ما قام به الراحل حاتم علي، من مسك العصا من الوسط لم يعجب عددا من المعارضين، كما المؤيدين، فغسان عبود مالك قناة أورينت المعارضة، لم يستطع أن يستوعب على سبيل المثال هذا الحزن الذي ألم بالسوريين المعارضين قبل الموالين، وقدم رأيه من خلال منشور على صفحته في “فيسبوك” ينتقد فيه صمت “علي” عما جرى ويجري في سوريا فقال: “إنسان” صمت على جريمة إبادة جماعية مليونية ساقط إنسانيا. وموت الإنسان لا يلغي تقيمه الحقيقي!” واتهم كلَّ من قام بنعيه بأنه صاحب “نفاق مهزوم مأزوم”.

أما نقابة الفنانين الممثلة بنقيبها المقرب من المخابرات زهير رمضان، أيضاً لم تكن أفضل حالاً من “غسان عبود” فالنقابة لم تتحرك ولو بإجراء بسيط لاستقبال نعش المخرج الراحل من مطار دمشق الدولي، والمشاركة بدفنه وتقديم العزاء لعائلته، بل تجاهلت الحدث، وربما متحججة بفصل الراحل من النقابة كونه لم يدفع الاشتراكات، كما فعلت مع أعداد أخرى من الفنانين.

موقف كل من (عبود) و(نقابة الفنانين)، عاد وجمع السوريين من جديد في موقف موحد، وهو رفض هذا الأسلوب الذي عومل به “حاتم علي”، فموقف غسان عبود ونقابة الفنانين متماهٍ لدرجة كبيرة، فالاثنان وقفا ضده لعدم إعطائه موقفا صريحا مما يجري في سوريا، والطرفان على الرغم من التناقض في موقفهما كجهتين الأولى تقول إنها صوت الثورة السورية والأخرى الموالية لبشار الأسد، إلا أنهما اتفقتا على مبدأ واحد وهو رفض الآخر المختلف معهما، وهذا يعتبر نجاح آخر يحققه حاتم علي، فبعد عشر سنوات من حرب مزقت سوريا والسوريين لا يزال هناك جهات سواء إعلامية أو حتى فنية وثقافية تحاول جاهدة زيادة الشرخ بين السوريين، ونشر الكراهية لأي محاولة لجمعهم حتى لو كان على رثاء فنان سوري توفي وفي جعبته العديد من الأعمال الخالدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى