مصادر “ملفات سوريا”: مليون ونصف حالة كورونا في دمشق وريفها
خاص “ملفات سوريا”
بين أرقام حقيقية وأخرى رسمية خرج الوباء عن دائرة السيطرة في العاصمة دمشق وريفها باعتراف العديد من الأطباء، فيما سيطر الهلع من تزايد الإصابات بين السوريين.
“ملفات سوريا” من خلال مصادر طبية مطلعة على ملف “كورونا” في دمشق تحفظت على ذكر اسمها لدواعٍ أمنية، أكدت أن أعداد المصابين بالجائحة تخطى بأضعاف الأرقام الرسمية التي تعلن عنها وزارة الصحة تباعاً، وأن عدد الوفيات اليومي وصل إلى 180 حالة وفاة جراء الوباء، ولأسباب متعددة لم تسجل في قوائم المصابين.
الإهمال الصحي لم يقتصر فقط على المواطنين العاديين بل وصل حتى للأطباء، حيث نعت نقابة الأطباء في دمشق، وفاة أكثر من أربعين طبيباً من أعضائها بعد إصابتهم بفايروس كورونا خلال الشهر الماضي عبر معرفاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، كما نعت نقابة المحامين في دمشق وفاة أعداد أخرى من المحامين بالوباء ذاته ما يعني أنَّ الفايروس أصبح منتشراً بين الكوادر الطبية، وموظفي القصر العدلي، ما سبب حالة من الهلع بين المواطنين القاطنين في مناطق سيطرة الدولة السورية، المصدر أكد أن عدد الإصابات تجاوز المليون وأربعمئة ألف إصابة في دمشق وريفها، وكشف أنَّ كل حي في العاصمة بات موبوءً بالفايروس، في ظل إنكار تام من الحكومة السورية لهذا الانتشار أو حتى تقديم الأعداد الحقيقية للمصابين، والإجراءات الخجولة للوقاية من الحد من انتشار المرض، كفرض التباعد الاجتماعي بين المواطنين أو حتى إلزامهم بارتداء الكمامات في الأماكن العامة، أو إعلان حظر في هذه المناطق، واقتصر فرض الكمامات على الدوائر الحكومية ووسائل النقل العامة ومنع تقديم النرجيلة في المقاهي والمطاعم، واغلاق المساجد والكنائس.
احتكار الكمامة
الوضع الاقتصادي في سوريا زاد من انتشار الوباء بين المواطنين، وذلك يعود إلى السعر المرتفع للكمامة الواحدة حيث وصل سعرها إلى حد الـ 2000 ليرة سورية، إن وجدت، في مقابل اقتصار متوسط دخل الفرد على 60000 ليرة شهرياً، وارتفاع أسعار المعقمات بشكل كبير بسبب احتكارها من قبل التجار، والانقطاعات المتكررة للماء والكهرباء، إلى جانب إجبار المواطنين في الوقوف بطوابير لشراء مستلزماتهم كالخبز والغاز والدخان وغيرها.
وكانت الأمم المتحدة في تقرير نشرته عام 2019 قدَّرت نسبة السوريين تحت خط الفقر بـ 83%، لتحتل بذلك المرتبة الأولى عالمياً.
مناطق موبوءة
المصدر أكد أن الأحياء الأكثر انتشاراً للوباء في مدينة دمشق هي الميدان والجسر الابيض والزاهرة وبرزة ودمشق القديمة، أما في ريف دمشق فالوباء منتشر بأعداد مروعة في كل من مدن التل وحرستا ودوما والمليحة ومعضمية الشام وجرمانا ومخيم الوافدين والكسوة ومضايا وقدسيا.
الإمكانات الصحية
بحسب تواصل “ملفات سوريا” مع مجموعة من أطباء دمشق أكدوا أن السوريين يعانون من إهمال كبير في المراكز الصحية والمستشفيات، ونقص ضخم بالمعدات الطبية والكوادر الصحية، أو حتى المنافس، ووفقاً لتقرير نشرته منظمة الصحة العالمية نهاية العام الفائت، أن ما يقارب الستين في المئة من المستشفيات لا تزال قيد الخدمة، إلى جانب مغادرة سبعين في المئة من العاملين في القطاع الصحي خارج سوريا، كما تحوي المشافي في سوريا على ما يقارب من ال 700 جهاز تنفس صالح للاستخدام منها فقط 400 جهاز فقط، وليست جميعها مخصصة لمرضى الكورونا، ولكن تستخدم لجميع الحالات المرضية الأخرى.
أطباء دمشق أكدوا أن السوريين يعانون من إهمال كبير في المراكز الصحية والمستشفيات، ونقص ضخم بالمعدات الطبية والكوادر الصحية
ونتيجة تفشي الوباء أشارت مصادرنا في دمشق وريفها أنَّ جميع المشافي لديها أجنحة مخصصة لمرضى الكورونا، وأنَّ مشفيا الزبداني وقطنا مخصصان بالكامل لحجر المرضى المصابين، حيث يفرض على هذين المشفيين طوق أمني يمنع دخول أو خروج أحد منهما، بما فيهما الكوادر الطبية العاملة هناك، وأنَّ هذه المشافي تعاني من النقص الكبير في أجهزة التنفس مقابل أعداد المرضى المصابين.
لماذا شهادة الوفاة طبيعية
وأضافت أن الحكومة السورية شددت على ضرورة دفن الموتى جراء المرض في مقبرة نجها، المخصصة أساساً لقتلى الجيش السوري، إلا أنَّ بعض العوائل وبعد دفع الرشاوى يتمكنون من دفن موتاهم في مدافن العائلة، بعد إحضار تقارير مزورة تؤكد أن الوفاة كانت طبيعية.
لعنة الميليشيات الإيرانية
من خلال المتابعة في ريف دمشق والحديث مع أطباء هناك تبين أن أبناء مدينة دمشق وريفها أرجعوا سبب التفشي السريع في مدنهم إلى التواصل المباشر بينهم وبين عناصر من الميليشيات الإيرانية المتواجدة بكثافة في العاصمة، وأن الفايروس انتقل إلى مدنهم أثناء دخول هذه العناصر وخروجهم إلى سوريا من إيران ولبنان والعراق، وعدم اهتمام الوزارات المعنية بعمل الفحوص اللازمة لهم وخصوصاً أن إيران تعد من الدول الأكثر انتشاراً للفايروس بين سكانها عالمياً، إلى جانب تأخر الدولة السورية، في الإفصاح عن تفشي الفايروس في سوريا، وعدم وضع قيود احترازية على المواطنين مبكراً من حظر وعزل صحي، إضافةً إلى النقص الكبير في أعداد ماسح المرض، واقتصاره على فئة معينة من المتنفذين، ما يعني أنَّ هناك مصابون كثر زاروا المشافي من دون الكشف عليهم.
الحكومة السورية تخفي
وكانت وزارة الصحة في الحكومة السورية أكدت في بيانٍ لها يوم الخميس 10 أيلول أنَّ حالات الوفاة بالفيروس بلغت 147 حالة في عموم سوريا، بينما وصل عدد الإصابات إلى 3416 إصابة، وأضافت أن 797 حالة شفيت تماماً في عموم سوريا.
الفارق الكبير بين إحصائيات وزارة الصحة، بالمقارنة مع ما نشرته نقابتي الأطباء والمحامين من نعوات، يؤكد أن الوزارة تعمد على إخفاء العدد الحقيقي من المصابين أو الوفيات جراء المرض، علماً أنَّ الوزارة وفي أكثر من مناسبة أكدت أن الأرقام التي تملكها غير دقيقة، بسبب شح عدد ماسحات المرض لديها.