السودان ترد الجميل لسوريا
جوليا العبد (دمشق)
استضافت سوريا في عهد حافظ الأسد العديد من اللاجئين العرب في ظل الأزمات التي عصفت ببلدانهم، وكانت تشكل ملجأ آمناً للعديد من العائلات التي هربت من الحروب وآثارها الإنسانية والاقتصادية، وكان لسوريا نصيب يسير من اللاجئين السودانين في عدد من المحطات السياسية التي مر بها السودان، منهم مازال يعيش حتى اليوم في سوريا.
توافد السودانيون إلى سوريا منذ عام 1989 وعقب انقلاب عمر البشير واستلامه السلطة في السودان، وحتى التسعينات التي عانى فيها السودان من حرب أهلية دامية بين الشمال والجنوب، كما لجأت إلى سوريا عدد من العائلات السودانية المقيمة في الخليج والتي تضرر عملها أثناء حرب الخليج، وتشكلت جالية سودانية في سوريا وأسست أعمالا تجارية، وعائلات لها أبناء يعرفون المدن والثقافة السورية أكثر من مسقط رأس أبويهم في السودان.
سوار الشاب السوداني صاحب الأعوام الخمسة وعشرين لجأ والداه إلى سوريا كونها قبلت استضافتهما دون شروط أو قيود، بعد أن تعرضا لعدد من المواقف القاسية في الحرب الأهلية السودانية الثانية، ورغم أن والديه انفصلا وعاد والده إلى السودان، لكنه قرر مع أمه أن يبقى في دمشق.
يتحدث سوار لـ “ملفات سوريا” ويقول: لقد ولدت في دمشق درست في مدارسها وشربت من مائها، ولدي أصدقاء وذكريات وطموحات هنا، وعلى الرغم من أني أعامل معاملة الأجنبي في المعاملات الرسمية، إلا أنني أشعر بأني دمشقي في الحياة الاجتماعية.
يقدر عدد السودانيين الموجودين في سوريا حتى نهاية عام 2010 بثلاثة آلاف سوداني يقيمون إقامة دائمة، ولا توجد إحصائيات رسمية بعد اندلاع الثورة عام 2011، واتسمت العلاقات الثنائية السودانية السورية طوال فترة الحرب بالهدوء ويصفها العديد من المحللين بالعلاقات الجيدة، فقد استقبلت سوريا الرئيس السابق عمر البشير الذي يعد الرئيس العربي الوحيد الذي زار سوريا فترة الحرب، كما كان للعلاقات التجارية والاقتصادية السورية السودانية نصيب جيد في هذه الفترة.
في المقابل شكلت السودان محطةً هامة ومريحة للكثير من السوريين وخاصةً الشباب الذين لا يرغبون في تأدية الخدمة الإلزامية أو الاحتياطية قي ظل الحرب، ومقصداً لاجتماع العائلات وإقامة العديد من المعاملات الرسمية بعيداً عن آثار الحرب، لأن السودان كان من الدول القليلة التي يمكن للسوريين دخولها بدون فيزا.
ولذلك وصل عدد السوريين الواصلين إلى السودان إلى أكثر من 1.2 مليون شخص، أكثر من نصفهم غادرها نحو بلاد أخرى، والمتبقي منهم عملوا أو درسوا فيها، ومنهم رجال أعمال أسسوا أعمالاً تجارية، إلا أنه في كانون الثاني عام 2019 أصدرت السلطات السودانية قراراً يقضي بفرض فيزا على السوريين المقيمين خارج سوريا، واستثنت من القرار السوريين القادمين عبر مطار دمشق الدولي.
وأمهلت المقيمين أياماً معدودة لتجديد أوراقهم الرسمية وتقديمها للجهات المعنية، كما علقت وجمدت العديد من الموافقات والمعاملات لأشخاص سوريين يحملون الجنسية السودانية ويقدر عددهم 15000 شحص، ومن ثم أصدرت وزارة الداخلية السودانية يوم الأربعاء الماضي بياناً تعلن من خلاله إلغاء قرار إعفاء السوريين من تأشيرة الدخول المسبقة إلى البلاد، بعد 19 عاما على سريان العمل بالقرار.
وأفاد البيان بأن “رئيس مجلس السيادة الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، أصدر قرارا يلغي القرار الجمهوري رقم 179 لعام 2001، الذي قضى بإعفاء تأشيرات الدخول للسوريين”.، وأوضح البيان: “وفقا للقرار السيادي، يتوجب على السوريين الحصول على تأشيرة دخول مسبقة للبلاد عبر القنوات الرسمية”.
وبهذا البيان الذي ألغى قرارا جمهوريا سابقا كان قد أصدره الرئيس المخلوع عمر البشير، في العام 2001، أصبح السودان الآن ملاذاً يصعب الوصول إليه.
ولم يوضح البيان سبب العدول عن قرار إعفاء السوريين من تأشيرة الدخول المسبق، كما لم تحدد وزارة الداخلية شروطاً معينة على السوريين تحقيقها من أجل الحصول على تأشيرة دخول البلاد، ولم يتبين بعد السوريون الموجودون في السودان آثار هذا القرار على أعمالهم وتواجدهم في السودان.