انسحاب تركيا من مورك يخيب آمال السوريين
أحمد إبراهيم (إدلب)
بدأت القوات التركية بخطوات عملية لسحب بعض نقاط المراقبة التابعة لها والمحاصرة ضمن مناطق سيطرة الجيش السوري جنوب إدلب، فتعرضت مجموعة ناقلات لإطلاق نار من قبل عناصر الفرقة 25 مهام خاصة بين بلدة الترنبة ومدينة سراقب، كانت بطريقها باتجاه نقطة المراقبة التركية التاسعة في مدينة مورك.
وعلى أثر ذلك قتل السائق محمد نبيل معتوق من أبناء مدينة أريحا، ضمن السائقين الذين تعاقد معهم الأتراك من مكتب الدور في معبر باب الهوى، تزامن ذلك مع تداول ناشطون في إدلب صورا تظهر تفكيك المعدات اللوجستية وأسقف البلوكوسات المعدنية داخل نقطة مورك تمهيدا لنقلها.
وبحسب النقيب في الجبهة الوطنية للتحرير أبو حمزة في حديثه لـ “ملفات سوريا” فإن القيادة التركية على ما يبدو اتخذت قرارا بسحب عدة نقاط مراقبة محاصرة إلى داخل مناطق المعارضة على خط التماس، وعلى الأغلب فإن نقاط مورك شمال حماة والصرمان شرق إدلب وشير مغار في جبل شحشبو شمال غرب حماة هي التي ستنفذ هذا القرار حاليا، يضاف لها النقطة العسكرية في بلدة معرحطاط جنوب مدينة معرة النعمان على الطريق الدولي حلب دمشق m5.
وأضاف أبو حمزة بأن بعض النقاط سيتم سحبها باتجاه بلدة كنصفرة وكذلك إلى النقطة العسكرية الجديدة في بلدة فوقفين أقصى جنوب جبل الزاوية جنوب إدلب، ولا معلومات عن المكان الجديد لباقي النقاط المسحوبة، حيث ستتم عملية الانسحاب تدريجيا، وما زيادة التحركات التركية جنوب إدلب إلا تمهيدا لذلك.
وستعمل القوات التركية على إنشاء حزام عسكري جديد على امتداد خط الجبهة مع الجيش السوري، وأنَّ الانسحاب الجديد هو مقدمة لسحب جميع النقاط التي يحاصرها الجيش السوري.
ونقلت وكالة “سبوتنيك” الروسية عن ما أسمتهم مصادر أمنية، أن القوات التركية قد أخطرت الجانب الروسي وبدأت بالتنسيق معه لسحب نقطة مورك، وبذلك تكون تركيا قد نفذت مطلبا روسيا بتخفيض عدد نقاطها داخل مناطق الجيش السوري، وكأن الجانبين قد توصلوا إلى حل وسط يقضي بتثبيت مناطق السيطرة الحالية ورسم حدودها بعيدا عن تفاهمات سوتشي التي ستصبح من الماضي مع اكتمال انسحاب جميع نقاط المراقبة المحاصرة.
والشيء الوحيد المجهول حاليا هو المكسب التركي من وراء قرار سحب نقاط المراقبة، والذي يعتبر تنازلا كبيرا، خاصة مع السقف المرتفع لمطالبهم، إلا أن الحكم دائما هو الميدان، وما يفرضه على أروقة المفاوضات، فلا يختلف اثنان على الأفضلية الروسية ميدانيا، في مواجهة موقف تركي لم يكن قويا إلا بعد المعارك الأخيرة ودفعهم بأكثر من 7 آلاف آلية عسكرية وما يزيد عن 20 ألف جندي موزعين على 35 نقطة تركية في إدلب بحسب المقدم محمد أبو محمود في الجبهة الوطنية للتحرير بحديثه لـ “ملفات سوريا”.
ومن الواضح أن النظام السوري كان يعلم مسبقا بسحب القوات التركية لعدة نقاط مراقبة، ويحاول استغلال الأمر إعلاميا وسياسيا، عن طريق تنظيم فرع حزب البعث في حماة وكذلك إدلب لعدة تظاهرات ضمت أعضاء حزبيين على أسوار نقاط مورك والصرمان وكذلك معرحطاط، وهي النقاط نفسها التي يتم الحديث عنها حاليا، ليقول عند انسحابها بأنها خرجت تحت ضغط ورفض شعبي.
ويرى الناشط الإعلامي محمد العلي في حديثه لـ “ملفات سوريا” أن نقاط المراقبة التركية لم تكن يوما طوق نجاة لقوات المعارضة ولا للمدنيين، فوجودها وعدمه واحد، لم يمنع الجيش السوري والمدعوم من الضامن الروسي من السيطرة على كامل ريف حماة الشمالي، وريف إدلب الشرقي وريف حلب الغربي، على الرغم من انتشارها.
إلا أن انسحاب تلك النقاط يشكل مرحلة تسليم بالأمر الواقع، ويبدد أحلام المهجرين ويخيب آمالهم بالعودة إلى مناطقهم، فكان وجود القوات التركية داخل مناطق الحكومة السورية، يمنح أملا بإمكانية انسحاب الجيش الى حدود سوتشي، وخاصة مع تصريحات القادة الأتراك التي كانت تؤكد على ذلك وتتمسك به.
وأقامت تركيا 12 نقطة مراقبة داخل محافظات إدلب وحماة وحلب بالاتفاق مع الجانبين الروسي والإيراني بهدف تطبيق “اتفاق خفض التصعيد”، في إطار اجتماعات أستانا المتعلقة بالشأن السوري، هذه الاجتماعات شكلت أكبر خديعة لفصائل المعارضة التي خسرت بعدها أغلب مناطق سيطرتها في سوريا، وعلى ما يبدو ستخسر المزيد.