سوريا والعرب في عين أوباما.. الشهادة “الأكثر إثارة”
بتول الحكيم
حاول الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما من خلال مذكراته التي وضعها في جزأين وأسماها “أرض الميعاد”، أن يبرر موقف بلاده السلبي اتجاه ما كان يجري في سوريا، وقت كان في السلطة.
فقال إن خياراتا هناك كانت محدودة جدا إبان اندلاع الاحتجاجات في سوريا، حيث كانت سوريا خصما قديما للولايات المتحدة الأمريكية بتحالفها مع روسيا وإيران تاريخيا، ودعمها لحزب الله اللبناني، ولم يكن هناك تأثير جدي لإدانتنا الرسمية لنظام بشار الأسد، وتمكن “الأسد” من الاعتماد على روسيا التي استخدمت حق النقض لفرض عقوبات دولية عليه من خلال مجلس الأمن.
وبالنسبة للبرنامج النووي المتسارع لإيران، قال “أوباما” إنه وجه رسالة للرئيس “روحاني” إبان تنصيبه رئيسا مقترحا حوارا حول البرنامج النووي الإيراني، إلا أن “روحاني” رد بأنه لا مصلحة لإيران في محادثات مباشرة.
أما بالنسبة لزعماء العالم، فكان له رأي عن كل واحد منهم على حدا تحدث عنهم حسب وجهة نظره.
حيث وصف “أوباما” الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” بأنه أشبه بحاكم مقاطعة لديه أسلحة نووية وحق الفيتو في مجلس الأمن، من الشخصيات الصارمة التي تتمتع بدهاء وتعتبر المحسوبيات والرشاوى والاحتيال أدوات شرعية للتجارة.
وفي السياق قال “أوباما” في كتابه إن الرئيس الفرنسي السابق “نيكولا ساركوزي” جمع كل الانفعالات العاطفية والخطب المبالغ بها، لافتا إلى أن المحادثات معه كانت ممتعة ومستفزة، يحرك يديه باستمرار أثناء الحديث، ويتقدم بصدره إلى الأمام.
ووصف “أوباما” المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” بأنها ثابتة وصادقة وصارمة من الناحية الفكرية ولطيفة بالفطرة، كما قال إن الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” يتحلى بالود، ووصفه أثناء حديثه بأن صوته متقطع النبرة، ترتفع نغمته في ردة الفعل على الشكاوى، معتقدا بأن التزامه بالديمقراطية وسيادة القانون مرهون بحفاظهما على سلطته.
وفيما يتعلق برئيس وزراء الهند السابق “مانموهان سينغ” وصفه “أوباما” بالحكيم والرصين، وبأنه مهندس رئيس للتحول الاقتصادي في الهند، مؤكدا أنه كسب ثقة الناس من خلال رفع مستواهم المعيشي وتجنبه للفساد.
ويبين “أوباما” في مذكراته أن قضية العرق أحد خطوط الصدع المركزية في التاريخ الأمريكي، قائلا “إنها خطيئتنا الأصلية”، كما عبر عن مزيج من اليأس والتفاؤل بسبب استنرار دور العرق في تحيز العدالة الاجتماعية، والنشاط السلمي الاحتجاجي المحارب لهذا النهج، مؤكدا على انقسام أمريكا على نفسها، بسبب عوامل اجتماعية واقتصادية عدة، بالإضافة إلى ردود الفعل على العولمة.
ويرى “أوباما” أن مؤسسات الدولة منحت الناس شعورا بالقلق وعدم الاستقرار، لافتا إلى الحاجة لإيجاد مؤسسات شاملة للجميع تلبي الاحتياجات اليومية.
وبالنسبة للعرب قال “أوباما” يعيش القادة العرب في قصور معزولة، يتلقون معلوماتهم من موظفين أذلاء، يفضلون مصالحهم الشخصية على مصالح شعوبهم.
ومن الموضوعات التي تطرق لها “أوباما” الوهابية السعودية، حيث يرى أنها تركت أثرا سلبيا على المعتقدات الإسلامية في البلاد، مشددا على أن الإسلام السعودي مغاير للإسلام الذي عرفه أثناء طفولته في أندونيسيا، واصفا السعودية بأنها عالم دون ألوان، تغلب عليها القتامة، مؤكدا صدمته بمشهد القمع الحزين الذي عاينه هناك.
وفيما يتعلق بإسرائيل، برر “أوباما” رفض العرب لقرار التقسيم، بأن العرب كانوا قد تحرروا من الاستعمار حديثا، فهم لا يقبلون كيانا يهوديا، ملمحا إلى أن إسرائيل كيان استعماري، كما ذكر أن الحرم القدسي مكان مقدس للمسلمين، ولم يتطرق لقدسيته بالنسبة لليهود.
ووصف “أوباما” رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتينياهو” بأنه ذكي وقاس وحكيم وموهوب في التواصل بالعبرية والإنكليزية، قائلا إنه يمكن أن يكون ساحرا وحريصا في خدمة أهدافه، حيث يرى نفسه المدافع الأشرس عن الشعب اليهودي في مواجهة المحن، ما يجعله يبرر أي شيء من شأنه أن يبقيه في السلطة، كما أن خبرته في السياسة والإعلام في أمريكا، جعلته يثق بقدرته على مقاومة أي ضغط يمكن أن تمارسه عليه أي إدارة ديمقراطية.
ويتوقع أن تحتل مذكرات باراك أوباما الأكثر مبيعا في التاريخ، والذي يشير عنوانها إلى قصة النبي موسى الذي خرج ببني إسرائيل من مصر، ومات بعد أربعين عاما من التيه في الصحراء، دون أن يصل لأرض الميعاد.