مؤلفة كتاب “قيصر” لـ “ملفات سوريا”: العالم ضد الثورة السورية
حاورها (جلال سيريس)
ضمن عملنا في موقع “ملفات سوريا” بهدف كشف جرائم نظام الأسد، وخصوصاً داخل معتقلاته، ونشر عدد من الصور الحصرية التي وثقها “قيصر”، لموالين ومسيحيين وفلسطينيين قتلوا تحت التعذيب، توجهنا إلى الصحفية التي التقت “قيصر”، ونقلت إلينا في كتابها أهوال ما شاهده، من جثث لأشخاص توفوا تحت التعذيب، ووثق الآلاف من صورهم.
غرانس لوكين، صاحبة الكتاب الشهير “عملية قيصر: في قلب آلة الموت السورية”، حدثتنا في حوار صحفي، عن المراحل التي مرت بها في توثيق الجرائم من خلال لقائها لعدد من المعتقلين السابقين في عهدي الأب
والابن، وكيف تمكنت من لقاء قيصر لأول مرة، والصعوبات التي واجهتها في نقل الحقيقة إلى العالم.
أكثر ما آلم “لوكين” اكتشافها أنَّ قسما كبيرا من الفرنسيين، لم يعودوا يهتمون لرؤية جرائم النظام، مبررةً ذلك بالتخمة التي حصلت لهم، جراء نشر آلاف الفيديوهات والصور على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي وسائل الإعلام.
وهنا نص الحوار:
كيف سمعتِ عن قيصر أول مرة؟
سمعت عنه من خلال صحيفة اللوموند الفرنسية، حيث رأيت الصور التي التقطها داخل المجلة، وتزامن ذلك مع عملي عن الوضع في سوريا، وزياراتي المتكررة إلى الشمال السوري خصوصاً إلى حلب وريفها، اتصل بي حينها ناشر فرنسي، وطلب مني أن أنشر كتاباً عن التعذيب الذي كان يجري في سجون المخابرات السورية، واللقاء مع المعتقلين السابقين، وتوثيق ما جرى معهم هناك، لتتطور الفكرة وأقرر أن أبحث عن طريقة للقاء “قيصر”، وكان ذلك صعباً، إذا لم أقل مستحيلاً، إلى أن تعرفت على صديق له اسمه “سامي”، وتكلمت معه عن المشروع الذي أقوم به، وهو كان صلة الوصل بيني وبين قيصر.
ما هي التحديات التي واجهتك أثناء تأليف الكتاب؟
التحديات التي واجهتني، تمثلت في نقل معاناة المعتقلين السابقين، الذين التقيت بهم في تركيا وأوروبا، أثناء الاعتقال والسجن، وشهادتهم عن الجرائم التي كانت تحدث أثناء الاعتقال، وأريد أن أقول أنَّني لمست في كلام قيصر الصدق، فقد كان يرفض الحديث عن أي شيء لا يعرفه، وكان هناك اتفاق ضمني بيننا، أنه يتكلم وأنا أسمع، وأكتب بعدها ما كان يقوله.
كيف كان تعامل قيصر معك في بداية تعارفكما؟ وهل كان هناك ثقة؟
كان هناك تخوف نوعاً ما من “قيصر” اتجاهي، وكذلك الأمر بالنسبةِ لي، ولكن فيما بعد كان هناك توافق بيننا أنه يجب إنجاز شيء من أجل السوريين، في أول مرة التقيت بقيصر، كنت أنا أستمع وهو يتكلم، ولم أكن أملك أي سؤال له، فسكت فجأةً بينما كان يتكلم وقال: من الأفضل أن تسأليني وأنا أقدم لكِ الإجابة، ففكرت بسرعة عن أسئلة، وكان هذا سهل بالنسبةِ لي كوني صحفية، وبدأت بطرح العديد من الأسئلة عليه، فتوقف، وقال: هل تحققين معي؟ وتم الاتفاق عن أنني يجب أن أسأل سؤال، وهو يجيب، كان لدي تخوف دائم أن يتوقف عن الكلام ويرفض اللقاء ثانيةً كوني ما زلت أملك الكثير من الأسئلة، إلا أنَّ اللقاءات استمرت بيننا لفترة طويلة.
تطرقتِ في كتابك عن الجرائم التي كانت تجري داخل أقبية المخابرات في نظامي الأب والابن، ما ذا كنتِ تريدين أن تقولي؟
بالتأكيد نظام بشار الأسد هو امتداد لنظام حافظ الأسد، وفي عهد النظامين كان هناك جرائم تجري في المعتقلات، ولكن وكما هو واضح أنَّ الجرائم التي جرت في عهد بشار الأسد أكثر بكثير من الجرائم التي كانت تحدث في عهد والده.
هل تعتقدين أن هذا الكتاب كافٍ لفضح جرائم النظام؟
صراحة هذا الكتاب غير كافٍ إطلاقاً، وكان يجب العمل عليه أكثر، وبالتأكيد يجب على الناس أن يروا الصور بالألوان وليس بالأبيض والأسود، إلا أنني تفاجأت أن المجتمع الدولي لا يريد أن يرى ما يجري.
كيف هي ردة فعل الفرنسيين عند نشر الكتاب؟
بالبداية كان هناك اهتمام في فرنسا بفضح الجرائم، وكانت الشرطة تحقق في هذا الملف، ولكن فيما بعد، بات موقف فرنسا غير واضح، أما بالنسبة للمثقفين الفرنسيين والصحفيين، كانوا وما زالوا يحاولون فضح ما يجري في سوريا، ولكن ما لاحظته أن كثيرا من الرأي العام أصابهم الملل من كثرة الصور والفيديوهات المنتشرة على وسائل الإعلام، وهذه المشكلة كبيرة، فلذلك، كنت أجلس الكثير من الفرنسيين وأتحدث معهم مطولاً عما يجري في سوريا، ليفهموا الوضع هناك بشكل صحيح.
قلتِ خلال اللقاء أنكِ غير راضية بالكتاب، كون هناك أمور لم يتم ذكرها، ما هي النقاط التي لم يتم ذكرها وأردت أن تذكريها أكثر؟
أنا كنت وحدي تماماً، ولم أكن أتحدث حول الكتاب مع أحد، وهذا منعني من أخذ آراء الأشخاص الآخرين بسبب حساسية ما أقوم به، وكان يجب أن أجلس أكثر مع قيصر لرؤية صور أكثر، ومعرفة أماكن الجثث، وأين تم دفنها، فكنت وحدي مع قيصر ومع باقي المعتقلين، وكان هناك وقت يجب أن أنهي به الكتاب.
ما هي ردة فعلك بعد نشر الكتاب، وإهمال المجتمع الدولي للجرائم التي تم توثيقها؟
صراحةً لا أملك أي أمل بالسياسيين، لأنَّ المجتمع الدولي لا يريد أن يغير النظام في سوريا، ولكن عندي أمل بالعدالة، وبأنها ستنصف من مات تحت التعذيب أو تعرض له، كل هذا من خلال القضاء، فعلى سبيل المثال النائب العام في ألمانيا والنائب العام في فرنسا، قالا لي إنَّ الكتاب كان مهماً لعملهما، وهذا عنى لي الكثير.
ماذا يمكنك أن تقولي عن الثورة السورية؟
الثورة السوية للأسف سرقت من بعض المتطرفين ومن بعض السياسيين، ومن بعض الدول، لأن المجتمع الدولي لا يريد الثورة السورية، ولا يريد أن يغير النظام في سوريا، والمؤلم أكثر اعتقاد البعض أن دولهم أهم من سوريا، وهذا يعني أنه لا توجد مساواة بين الدول.