مساعي “تحرير الشام” لرفعها من قوائم “الإرهاب”
أحمد إبراهيم ( إدلب)
يمر تنظيم “حراس الدين” المبايع للقاعدة في سوريا بحالة من الضعف والهشاشة، بعدما فقد معظم كوادره ومواقعه وحالة الحرب التفكيكية ضده، التي نجحت هيئة “تحرير الشام” فيها، واتبعت عدة طرق في هذه الحرب واهمها اعتقال قادة بارزين من الصف الأول للتنظيم وإطلاق سراحهم لاحقا تحت عدة شروط تناسبها.
وأطلقت هيئة “تحرير الشام” السبت 12 من الشهر الجاري، سراح الشرعي والأمني من تنظيم “حراس الدين”، “أبو عبدالله الدرعاوي” بعد اعتقال دام لأكثر من 50 يوما، كما اطلقت في 26 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي سراح القيادي البارز “أبو عمر منهج” بعد أربعة أشهر من اعتقاله.
ويرى عباس شريفة الباحث في شؤون الجماعات الجهادية في حديثه لـ “ملفات سوريا” بأنه غالبا لا يتم إطلاق سراح أي خصم لـ “تحرير الشام” إلا ضمن صفقة، ولعل هذه الصفقة تخص “الدرعاوي” وحده، وليس تنظيم “حراس الدين” وعادة ما تشترط “تحرير الشام” على من يطلق سراحهم ألا ينشط ضدها خصوصا بالتثقيف الشرعي باعتبار “الدرعاوي” هو شخصية شرعية أيضا.
ويمكن الربط بين إطلاق سراح “الدرعاوي” واعتقال قياديين من الصف الثاني في “الحراس” منذ أسبوع تقريبا، بحسب الباحث في شؤون الجماعات الجهادية، عرابي عبد الحي عرابي كواحد من الشروط التي تفرض على أي شخصية يتم تسوية وضعها، بأن يدل على باقي الأمنين الذين لم تعتقلهم “الهيئة” بعد وتبحث عنهم.
من المؤكد بحسب “عرابي” بأنه لم يطلق سراح أبو عبد الله الدرعاوي إلا بعد شروط فرضت عليه من قبل هيئة “تحرير الشام”، وقبل بهذه الشروط، ومنها عدم العودة كأمني في “حراس الدين”، وعدم التعامل معهم، والقبول بـ “الهيئة” كمسيطر ويعمل تحت أمرتها.
وبحسب “عرابي” أن “الدرعاوي” بعد خروجه لن يشكل علامة فارقة، إلا أن الأمر يمكن قراءته ضمن منحيين، المنحى الأول بأن خروجه عمليا هو القبول علنيا بتفكيك “حراس الدين” والابتعاد عن القاعدة على أقل تقدير، والمنحى الثاني يتمثل بإرسال رسالة إلى أمريكا بأن الهيئة استطاعت ضبط ملف “الحراس”، ولكن تجديد نشر المكافآت المالية حول “الجولاني” دفعها للتذكير بأنها تستطيع إثارته وإقلاق الولايات المتحدة.
ويعيش “حراس الدين” حالة من التشتت والهشاشة، جراء تراكم عدة أسباب شملت الاستهداف المتواصل لقادته وعناصره الفاعلين بواسطة الطيران المسير التابع للتحالف الدولي، وكذلك الحملات الأمنية التي تشنها هيئة “تحرير الشام” ضد قادته في محاولة منها لضبط التنظيم وتسويق نفسها من خلاله.
وضمن الخطاب الترويجي للهيئة على الرغم من إعادة إعلان برنامج “مكافآت من أجل العدالة” التابع لوزارة الخارجية الأميركية، عن مكافأة (10 مليون دولار) لمن يملك معلومات عن زعيم هيئة “تحرير الشام” “أبو محمد الجولاني”، دعى القاضي الشرعي والعسكري البارز في “تحرير الشام” (يحيى بن طاهر الفرغلي) المعروف بـ “أبي الفتح الفرغلي” إلى تنازلات مؤلمة في سبيل المُصالحة الشاملة مع جميع الفصائل العسكرية.
الدعوى التي وجد فيها الباحث عباس شريفة حركة مشبوهة تأتي في سياق بحث “تحرير الشام” عن سبل التغلغل الأمني والفكري والعصبوي في باقي مكونات فصائل المعارضة المسلحة، وخاصة أن الفرغلي كان عراب حملات “الجولاني” على الفصائل وخصوصاً إصداره لفتاوى “التكفير” لهم.
وبعد استتباب وضع السيطرة لـ “لهيئة” في إدلب، وضمان عدم عرقلة سياستها من قبل تنظيمات وجماعات لها ارتباط بتنظيم القاعدة، عملت على استغلال ملف هذه التنظيمات المصنفة على قوائم “الإرهاب” الأمريكية لتلميع صورتها والسعي لرفع التصنيف عنها، وإطلاق سراح قادة من “حراس الدين” ماهي إلا لكسب تواجدهم وعلاقاتهم ضمن التنظيم لصالحها بتفكيك المناهضين لها بطرق ناعمة.