ثقافة وكتب

“مكان تحت الشمس”.. فلسفة نتنياهو السياسية

 

قراءة بتول الحكيم (اسطنبول)

أعادت عمليات التطبيع الإسرائيلي مع الإمارات العربية المتحدة، واتساع دائرة الحديث عن عهد عربي إسرائيلي جديد، تسليط الضوء على كتاب “مكان تحت الشمس”، لرئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” إلى الواجهة، لما له من أبعاد تعكس فلسفة نتنياهو السياسية وقراءته للمنطقة.

نتنياهو الشخص القوي في إسرائيل، أصبح اليوم في واجهة المشهد الإسرائيلي لما حققه من إنجازات لإسرائيل على مستوى الاختراق العربي مؤخرا، وأيضا نجاحه في تمزيق الاتفاق النووي الإيراني بضغط اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية.

في كتابه “مكان تحت الشمس” يحاول نتنياهو ترسيخ مفهوم الواقعية المتطرفة، التي تعرف بالواقعية الهجومية، وهي نظرية تعكس تصورا مقدما بالأساس للدول العظمى بهدف تعظيم معالم قوتها وسيطرتها ضمن توازن القوى وإلقاء التبعات على الآخرين.

يستعرض الكتاب نشأة الفكر الصهيونية تاريخيا، معتبرا التراخي في التمسك بمبادئ الصهيونية تفريطا بمصدر من مصادر الحياة السياسية، فيما يعتبر المؤلف الحفاظ على أمن إسرائيل أهم بنود الفكر الصهيوني ومبادئه.

هاجس إيران

 

يظهر القلق واضحا في ثنايا الكتاب، حيث يرى “نتينياهو” أن الخطر الحقيقي الذي يهدد وجود إسرائيل يتمثل في إيران، إذ يستحضر رعبه من امتلاك إيران للسلاح النووي في عدة مواضع، خاصة في ظل حكم إسلامي راديكالي، معتبرا اكتمال الحالة ونجاحها يشكل تغييرا عميقا في موازين القوى في المنطقة لصالح إيران.

وفي السياق يحث الدول العربية والولايات المتحدة الأمريكية لمواجهة خطر تمدد إيران باعتماد سياسة الحصار والمقاطعة، وصولا لإجراء تغيير جذري في هيكلة جمهورية إيران، إلا أن الظروف الراهنة، فرضت توافق الطرفين على صيغة مشتركة من التوظيف المتبادل للعناوين العريضة الخلافية، حيث يظهر كل طرف حدود قوته ونفوذه في مساحة جغرافية على الأراضي العربية، من خلال تفعيل “حرب الوكلاء” والاكتفاء بهذه الصيغة لتفسير حالة الصراع بينهما وترجمتها على أرض الواقع.

يكرس “بنيامين نتينياهو” في كتابه “مكان تحت الشمس” وفق طرحه وأيدلوجيته أنه “لا سلام مع العرب”، ويطنب في الحديث عن حق اليهود في أرض إسرائيل وحقوقهم التي كفلها لهم وعد بلفور، إذ يقول “إن حق اليهود بالسكن في الخليل ونابلس وشرق القدس معترف بهمن قبل العالم، تماما كحقهم بالسكن في حيفا ويافا وتل أبيب وغرب القدس”، مشيدا بضرورة التمسك بمبادئ الصهيونية تحت طائلة الزوال في حال عدم الالتزام بها.

ينتقد بشدة مبدأ التفاوض مع الفلسطينيين والعرب الذي يقوم على مبدأ “الأرض مقابل السلام”معتمدا شعار “السلام مقابل السلام”.

الضفة.. إرث اليهود

ويؤكد وفقا لعقيدته على الأهمية التاريخية والدينية للضفة الغربية بالنسبة لليهود، فالضفة الغربية تمثل قلب البلاد، كما تمثل إرثا تاريخيا لليهود، حيث دفن أجداد اليهود في الخليل، وتلقى إبراهيم عليه السلام وعد الرب في ألون مورية، وضمت بيت لحم قبر راحيل، كما يركز على سلوان متذرعا بوجود نبع أسفلها كان يزود القدس بالمياه في عهد الهيكل الأول.

وفي السياق يذكر “نتينياهو” أنه لا يمكن لإسرائيل تحقيق الأمن في الشرق الأوسط إلا عبر قوة الردع المعتمدة على قوة الحسم ، مؤكدا أن القوة هي التي أجبرت الدول العربية على توقيع معاهدات سلام مع إسرائيل وليس الرغبة بالسلام.

ويريد “نتينياهو” من خلال كتابه تطبيق خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق “يتسحاق شامير” التي ترمي لتوطين مليوني مستوطن في الضفة عبر إنشاء مستوطنات جديدة، كما ينتقد بشدة مبدأ التفاوض مع الفلسطينيين والعرب الذي يقوم على مبدأ “الأرض مقابل السلام”معتمدا شعار “السلام مقابل السلام”.

ويتبنى “نتينياهو” في كتابه نظرية عنصرية تجاه العرب، حيث يرى أن التعامل الأجدى معهم مبني على صيغة القوة، معتبرا إياهم أمة لا نفع منها، ولا يمكن أن تستقيم في نهج الحضارة إلا من خلال سياسات القوة، ولا يمكن الوثوق بهم، ويصف قادتهم بالمتلونين، متهما إياهم باتخاذ القضية الفلسطينية فزاعة لتحقيق أهدافهم الشخصية.

الإرهاب العربي

ويركز الكتاب على ما أطلق عليه “الإرهاب العربي” الذي يستشري في العالم، مرجعا أغلب العنف والقتل المنتشرين في العالم للقومية العربية والأصولية الإسلامية، التي تكره الغرب بزعمه حقدا على نمط الحياة الغربية فحسب، فيما برر المجازر التي تقوم بها إسرائيل كمجزرة الحرم الإبراهيمي بأنها حالة خرق للقوانين أصابت بعض المستوطنين.

خرج كتاب “مكان تحت الشمس” لرئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” بلغته العبرية عام 1993، ثم ترجم للعربية بعد 3 أعوام، وهو يندرج بحسب عنوانه وطروحاته السياسية ضمن الواقعية السياسية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى