بن زايد وأردوغان يطويان عقد من الخصام بالاقتصاد
ملفات سوريا – فريق التحرير
بعد انقطاع نحو عقد في العلاقات التركية الإماراتية، عادت اليوم بقوة بعد لقاء جمع ولي العهد الإماراتي محمد بن زايد مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، توجت باتفاقيات اقتصادية عدة وقعت بين البلدين.
واستقبل الرئيس التركي، أمس الأربعاء، ولي عهد أبو ظبي، في القصر الرئاسي بالعاصمة أنقرة وسط تنظيم مراسم استقبال رسمية.
وبحسب بيان نشرته دائرة الاتصال بالرئاسة التركية، فإن المحادثات بين الطرفين تناولت العلاقات الثنائية على كل الأصعدة، والخطوات اللازمة لتطوير التعاون بين البلدين، كما تبادل الجانبان وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية الحالية.
اتفاقيات بالجملة
ووقعت تركيا والإمارات 10 اتفاقيات في مجالات مختلفة، بحضور أردوغان وولي عهد أبو ظبي، حيث جرى التوقيع على الاتفاقيات في المجمع الرئاسي بالعاصمة أنقرة، بعد لقاء ثنائي وآخر على مستوى الوفود بين الجانبين.
وفي هذا الإطار، وقع البلدان مذكرة تفاهم حول تبادل المعلومات المالية في سياق مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، حيث وقع من الجانب التركي رئيس مجلس التقصي في الجرائم المالية بوزارة الخزانة والمالية التركية خير الدين قورت، ومن الجانب الإماراتي علي فيصل باعلوي رئيس وحدة المعلومات المالية في البنك المركزي الإماراتي.
كما وقع أردا أرموت الرئيس التنفيذي للصندوق السيادي التركي، مع الرئيس التنفيذي لشركة “ميناء أبو ظبي” محمد الشامسي مذكرة تفاهم بين المؤسستين التركية والإماراتية.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم بين شركة أبو ظبي التنموية القابضة والصندوق السيادي التركي، من قبل أردا أرموت الرئيس التنفيذي للصندوق ورئيس مجلس إدارة شركة أبو ظبي التنموية القابضة محمد حسن السويدي.
بالإضافة إلى توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين شركة أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق السيادة التركي، من قبل رئيس مجلس إدارة الشركة محمد حسن السويدي، والرئيس التنفيذي للصندوق أردا أرموت.
في حين جرى توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين شركة أبو ظبي التنموية القابضة وهيئة الاستثمار الرئاسي، من قبل محمد حسن السويدي رئيس مجلس إدارة شركة أبو ظبي التنموية القابضة وأحمد براق داغلي أوغلو رئيس هيئة الاستثمار الرئاسية.
كما تم توقيع مذكرة تفاهم للتعاون بين بورصة أبو ظبي وبورصة إسطنبول، من قبل سعيد الظاهري رئيس مجلس إدارة سوق أبو ظبي للأوراق المالية وأريشاه أريجان رئيسة مجلس إدارة بورصة إسطنبول.
وأُعلن التوقيع على اتفاقية تعاون إداري وشراكة في الشؤون الجمركية بين تركيا والإمارات من قبل محمد موش وزير التجارة التركي وعلي محمد حماد الشامسي رئيس الهيئة الاتحادية للهوية والجنسية والجمارك وأمن المنافذ في الإمارات.
وفي مجال الطاقة، جرى التوقيع على مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال الطاقة بين البلدين من قبل فاتح دونماز وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي وسهيل بين محمد المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي.
كما تم التوقيع على مذكرة تفاهم حول التعاون في مجال البيئة بين تركيا والإمارات، من قبل وزير البيئة والتحضر التركي مراد كوروم، ومريم بنت محمد المهيري، وزيرة التغير المناخي والبيئة الإماراتية.
اتفاقيات بين البنوك المركزية
وأفادت وكالة الأناضول التركية بأن “البنك المركزي التركي ونظيره الإماراتي وقعا مذكرة تفاهم للتعاون الثنائي”، جاء ذلك عقب لقاء محافظ البنك المركزي التركي، شهاب قاوجي أوغلو، مع مسؤولي مصرف الإمارات المركزي، على هامش الزيارة الرسمية للوفد الإماراتي إلى تركيا.
وذكرت رويترز نقلاً عن مصدرين أن “محافظ البنك المركزي التركي شهاب قاوجي أوغلو اجتمع مع مسؤولين من دولة الإمارات العربية المتحدة في الرئاسة التركية لإجراء محادثات أولية بشأن اتفاق مبادلة محتمل”.
10 مليارات دولار
وفي السياق أعلنت الإمارات العربية المتحدة تأسيس صندوق بقيمة 10 مليارات دولار من أجل الاستثمارات في تركيا.
وقالت وكالة أنباء الإمارات (وام) إن” الصندوق سيركز على الاستثمارات الاستراتيجية، وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء”.
عهد جديد
وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا الإماراتي، سلطان بن أحمد الجابر: إن زيارة ولي عهد أبو ظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى تركيا “تبشر بحقبة جديدة من العلاقات” بين البلدين، واصفاً تركيا بأنها “أفضل شريك طبيعي” لبلاده.
وقال الجابر، في مقابلة مع “هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية” (تي آر تي)، إن “زيارة ولي عهد أبو ظبي لتركيا تحمل أهمية كبيرة في عدة مجالات، حيث تأتي في وقت يعمل فيه الجانبان معاً لتحقيق مستقبل أكثر سلاماً واستقراراً وازدهاراً في المنطقة”.
ورأى الوزير بأن الزيارة “تبشر بحقبة جديدة في العلاقات بين البلدين”، وتهدف لرفع الروابط بينهما إلى مستويات جديدة، مضيفاً: “لدينا أرضية مشتركة، ونستطيع ويجب البناء عليها”.
وتابع: “تركيا باعتبارها جارة إقليمية قريبة، فهي أفضل شريك طبيعي لنا”، لافتاً إلى أن بلاده “متحمسة” للعلاقة والشراكة مع أنقرة.
وذكر أن بلاده أكبر شريك تجاري لتركيا في المنطقة، مبيناً أن البلدين سيعتمدان “نهجاً شاملاً لهذه الشراكة، يبنيان فيه على الأسس القائمة للبلدين، لتعزيز الروابط الاقتصادية والتجارية والاجتماعية في مختلف القطاعات”.
وحول أهداف الزيارة، قال الوزير الإماراتي إن “الهدف الأساسي هو المساعدة في خلق أرضية اقتصادية، من خلال تعزيز التجارة والشراكات التجارية، وتحقيق استثمارات ناجحة ومستدامة”، مشيراً إلى أن البلدين يتمتعان بكونهما “أكثر الاقتصادات والمجتمعات ديناميكية في المنطقة”.
وذكر الجابر أن معدل صادرات الإمارات إلى تركيا ارتفعت بين عامي 2019 و2020 بنسبة 110 بالمئة، في حين ارتفع إجمالي التجارة بنسبة 21 بالمئة.
وأوضح أن معظم الاستثمارات الإماراتية في تركيا كانت تركز، خلال السنوات الخمس الماضية، على قطاعات منها وسائل النقل والطاقة المتجددة، والسياحة، في حين ركزت الاستثمارات التركية في الإمارات على البناء وقطع السيارات والطاقة المتجددة.
وتابع: “نحن الآن جاهزون للبدء بالمرحلة التالية، والبناء على هذه الاستثمارات الناجحة لتحديد طرق جديدة للتعاون والمزيد من الاستثمارات، كما نتطلع قدماً لنوسع هذه الشراكات في مجالات متنوعة، وعبر صناعات مختلفة”.
وأكد الوزير الإماراتي على أن البلدين يحملان “رغبة مشتركة والتزاما حقيقيا ورؤية ثنائية نحو تحقيق السلام والاستقرار والازدهار، ليس فقط من أجلنا، وإنما للمنطقة بأسرها”، مضيفاً: “نهدف إلى بناء شراكات لمواجهة التحديات العالمية مثل التغير المناخي، والطاقة، وأمن الغذاء والماء”.
وأضاف: “بالتزامن مع احتفال الإمارات بيوبيلها الذهبي (اليوم الوطني الـ50 في الثاني من كانون الأول المقبل)، ستبقى الشراكات وبناء الجسور هدفاً نركز عليه خلال خطتنا للخمسين عاماً المقبلة”.
اتفاق بعد صراع طويل
تأتي هذه الزيارة بعد تقارب شهدته العلاقات التركية- الإماراتية مؤخرًا، عقب سنوات من الخلاف، إذ يقف البلدان على طرفي نقيض من قضايا إقليمية عدة.
وبحلول شهر رمضان، في نيسان الماضي، تبادل وزير الخارجية التركي، مولود تشاووش أوغلو، التهنئة مع نظيره الإماراتي، عبد الله بن زايد، وفي كانون الثاني الماضي، أدلى المستشار الدبلوماسي لحاكم أبو ظبي، أنور قرقاش، بتصريحات ودية تجاه تركيا، أكد خلالها أن الإمارات أكبر شريك تجاري لتركيا في المنطقة العربية.
وأبدى قرقاش خلال مقابلة أجراها مع قناة “سكاي نيوز عربية”، في كانون الثاني الماضي، رغبة بلاده بعلاقات طبيعية مع تركيا، معتبرًا أن المشكلة تكمن في السياسة التركية تجاه المحيط العربي، بحسب قوله.
إذ صرّح الرئيس التركي، في آب الماضي، عقب لقائه مستشار الأمن الوطني الإماراتي، طحنون بن زايد، أن الإمارات ستجري قريبًا استثمارات كبيرة في تركيا، وأن أنقرة عقدت مع إدارة أبو ظبي خلال الأشهر الماضية مجموعة من اللقاءات.
وبعد ذلك، وصف قرقاش اللقاء بـ “التاريخي والإيجابي”، مؤكدًا استمرار الإمارات في بناء الجسور وتوطيد العلاقات.
وكان السفير التركي لدى أبو ظبي، توجاي تونشير، أعلن عن حقبة جديدة في العلاقات بين تركيا والإمارات، مشيدًا بنمو حركة التجارة بين البلدين، جاء ذلك في تصريحات خلال مشاركة تركيا في معرض “إكسبو 2020 دبي”.
ولفت تونشير إلى أن حجم التجارة بين تركيا والإمارات بلغ 8.5 مليار دولار، مشيرًا إلى أن الأشهر الستة الأولى من العام الحالي شهدت نموًا في حركة التجارة يقارب الـ 100%.
واعتبر المسؤول التركي أن “إكسبو 2020 دبي” سيسهم في تعزيز النمو التجاري، لا سيما مع تصدير المزيد من المواد الغذائية والأطعمة الجاهزة، والفواكه والخضراوات، إلى جانب مواد البناء.