أحداث ومتابعاتأخبارمجتمع

تحقيق يوثق ارتباط أفراد من عائلة “الأسد” بعمليات تجارة المخدرات

تحقيقات (انترنت – ملفات سوريا)

أصدرت مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد الدولية OCCRP” (Organized Crime and Corruption Reporting Project)” تحقيقاً، يلاحق ويوثق الطريقة والأشخاص العاملون بتهريب وتجارة المخدرات، وحبوب الكبتاغون من سوريا لباقي دول العالم.
وعملت المؤسسة على التحقيق، بالإستناد على وثائق المحاكم اليونانية والإيطالية والليبية، وبيانات تسجيل الشركات وتتبع السفن، وإجراء مقابلات مع مسؤولي القانون والخبراء، وتحليل المعلومات.

ارتباط عائلة الأسد بالتجارة

تؤكد المعلومات أن شحنة “الكبتاغون” الكبرى التي ضُبطت في إيطاليا صيف 2020، بالإضافة لشحنة أُخرى تم ضبطها في رومانيا، كان مصدرها من اللاذقية.

وتظهر المعلومات  أن العمليات تدار من اللاذقية، وتخرج من ميناءها، الذي يقع تحت سيطرة الحكومة السورية، والفرقة الرابعة تحديداً، التي يقودها شقيق الرئيس السوري ماهر الاسد.

ويقول “عدنان الحاج عمر”، الذي عمل في التحقيق، أن حجم الخسارات نتيجة إحباط الشحنات المتهم فيها شخصيات سورية، قد تجاهلتها تماماً وسائل الإعلام “الحكومية” السورية، وهذا يشير إلى أن شبكة نقل وتجارة المخدرات، قادرة على التأثير على مؤسسات الدولة و هيئات صنع القرار في سوريا، مضيفاً أن التصدير بهذه “السهولة” للكبتاغون يتطلب تخليص جمركي ومكاتب شحن لتزوير المستندات، مما يشير إلى تواطؤ رسمي للحكومة، ولم ترد مديرية الجمارك السورية، المسؤولة عن مراقبة الصادرات والواردت البحرية، على أسئلة المؤسسة القائمة على التحقيق.

وتجمع “طاهر الكيالي” مالك سفينة “نوكا” التي ضُبط فيها شحنة مخدرات من قبل السلطات اليونانية عام 2018 وهي في طريقها لليبيا، علاقة صداقة بـ مضر الأسد ابن عم الرئيس السوري، الذي يملك مرسى ومجمع سياحي في اللاذقية، حيث يتملك ويدير الكيالي كافتيريا بداخله.

من هو “طاهر الكيالي”

عاش طاهر الكيالي (60 عاماً) ، في تورينو بإيطاليا مع زوجة إيطالية وطفلين.
عام 2007، ألقت الشرطة الإيطالية القبض عليه، لقيادته عصابة تعمل على تهريب سيارات “مسروقة” من ميناء روتردام في هولندا، إلى عدة دول من بينها الإمارات العربية المتحدة واليابان.

وأدين في العام 2010 بتهمة تكوين جماعة إجرامية والعمل على تلقي وبيع سلع مسروقة ، ولكن تم العفو عنه لاحقاً.
وظهرت قضية أكبر من سابقاتها في العام 2013، عندما أصدر قاضٍ في منطقة بيسارو على ساحل البحر الإيطالي، أمراً باعتقاله، بعد أن كشفت عملية للشرطة، ترأسه لعصابة دولية تعمل على تهريب اليخوت الفاخرة المسروقة عبر حوض البحر الأبيض المتوسط، وحُكم عليه غيابياً بالسجن لمدة ست سنوات ونصف.

لكن بحلول ذلك الوقت، كان كيالي قد هرب إلى اللاذقية، حيث يقيم الآن، ولم يقبض عليه مطلقاً.

شركات “الكيالي” حول العالم

لديه شركة باسم Neptunus Overseas Limited مسجلة في الشارع Old Gloucester في لندن، داخل مبنى سكني من أربعة طوابق تستخدمه مئات الشركات كعنوان مزيف، سجلت في آذار (مارس) 2017.

وفي نفس العام، أسس شركة Neptunus وسجلها في اللاذقية، وتصف الشركة نفسها بأنها وكالة بحرية، توفر إدارة السفن، وبحسب المعلومات الواردة، فإن الشركة مملوكة لطاهر الكيالي بالشراكة مع شخص أخر اسمه “ياسر الشريف”، ولم يتمكن الصحفيون من العثور على معلومات حوله.

وفي تشرين الثاني (نوفمبر) 2018، استخدم “كيالي” شركة Neptunus لشراء شركة وسفينة Noka من شركة مقرها في لبنان، وأصبحت المالك الرسمي للسفينة في شباط (فبراير) 2018.

وقال كيالي إنه أجّر السفينة نوكا لشركة تُعرف باسم “شركة لاميرا” لتشغيل وصلة شحن تسمى خط لاميرا الذي يمتد بين اللاذقية وبنغازي وموانئ أخرى على البحر المتوسط.

شحنة “نوكا”

أفادت وثيقة يونانية عن قضية سفينة نوكا التي ضبطت عام 2018، أن الشحنة إرسلت من قبل شركتي “دبول” و”المفتي”، التي يملكهما “محمد هاني عابدين” المقيم في دمشق، وتقوم الشركتين بتصنيع المنتجات الكيماوية، بما في ذلك المنظفات، والتي تم استخدامها في شحنة سفينة نوكا لإخفاء رائحة المخدرات.

وفي تواصل المؤسسة “OCCRP” مع “الكيالي” مالك السفينة، قال إنه “استأجر” السفينة نوكا، وأجرى فيها رحلتين للشحن من اللاذقية إلى بنغازي، وأوقفه خفر السواحل اليوناني في الرحلة الثانية، حين عثر فيها على “مواد محظورة” في إشارة منه إلى شحنة المخدرات، وأضاف: “لقد تعاونا بشكل كامل مع السلطات اليونانية وتمكنا أخيراً من الحصول على براءة للطاقم والسفينة والشحنة ولكن بعد أن تكبدنا خسائر فادحة”، مشيراً إلى إطلاق سراح الطاقم.
ثم تمنى كيالي التوفيق لـ OCCRP في العثور على “المجرمين الحقيقيين”، وتوقف عن الرد على رسائل البريد الإلكتروني.

التشعبات في ليبيا وعلاقتها بـ”المخدرات السورية”
أصبحت ليبيا محطة وعقدة رئيسية في خريطة التهريب، حيث تنقل المخدرات من خلالها إلى تشاد أو مصر أو إلى الخليج.

في أيار (مايو) 2020، اتهم فتحي باشاغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق “المعترف بها من قبل الأمم المتحدة والمدعومة من تركيا”، النظام السوري وحفتر بفتح خط لتهريب المخدرات ممتد من سوريا إلى ليبيا.

ووفق وثيقة تعود لشحنة “نوكا” حصلت عليها مؤسسة “OCCRP” وتخص قضية قضائية في بنغازي، كشفت عن عمليات لعصابة يقودها شخص سوري ليبي يدعى “محمود عبد الإله الدج”وحكمت عليه محكمة بنغازي غيابياً بالإعدام نتيجة تورطه في شحنة نوكا، وثلاث شحنات أُخرى تم ضبطها في ليبيا: إحداها في ميناء الخمس القريب في طرابلس، وواحدة في بنغازي، وأخرى في طبرق.

الدج موجود حالياً في سوريا، ولكن ألقي القبض على موظفان يعملان معه كمساعدين، هما: محمد سعد وهاشم عجان، لا يزالا في السجن وكلاهما حكم عليهم بالإعدام.

وتقول أوراق المحكمة إن الدج طلب من شركة تسمى “شرق ليبيا”، رشوة ضباط الجمارك حتى يتم إدخال الشحنات التي تصل بنغازي دون تفتيش.

ووفقاً لوثائق المحكمة ،تم إرسال إحدى الشحنات من قبل شخص يدعى “محمد هاني عابدين” المقيم حالياً في دمشق (وهو أحد المدانين من قبل السلطات اليونانية في قضية شحنة سفينة نوكا)

إيرادات تصدير المخدرات

من خلال تحليل خمس شحنات مخدرات غادرت الموانئ السورية بين حزيران (يونيو) 2019 وآب (أغسطس) 2020، وضبطو في اليونان وإيطاليا والإمارات والسعودية ورومانيا، يقدر برنامج التنمية البحرية للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهو معهد أبحاث مقره لندن، أن تهريب المخدرات من الموانئ السورية قد يدر حوالي 16 مليار دولار في السنة.

وفقًا لمقال نُشر عام 2016 في مجلة الشؤون الدولية بجامعة كولومبيا، أنه مع تدهور الزراعة والنفط والتصنيع في سوريا نتيجة الحرب، أصبحت صادرات “الأدوية” من بين أهم مصادر العملات الأجنبية في سوريا.

تقول المنظمة “OCCRP” أنه منذ بدأ الصراع في سوريا (قبل أكثر من عقد)، أصبحت سوريا هي المورد الرئيسي للكبتاغون في المنطقة، ففي السنوات القليلة الماضية، ضبط عدداً من شحنات الكبتاغون التي القادمة من اللاذقية، في الموانئ الليبية والإيطالية واليونانية والرومانية، وتضمنت أكبر كمية تم ضبطها في ميناء قرب نابولي بايطاليا، في حزيران (يونيو) 2020، بأكثر من 14 طناً من الكبتاغون وتقدر قيمتها بمليار يورو.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى