Featuredسياسة

الجربا يتجه إلى دير الزور!

كتب: عبدالله الغضوي

طوال العام الماضي حاولت الولايات المتحدة الأمريكية، إيجاد حالة من التوازن في شمال شرق سوريا بين المكون الكردي والعربي، الذي بات الشغل الشاغل لكل الغربيين زوار المنطقة، بهدف “حوكمة” المنطقة وخصوصا من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، لإرضاء الأطراف العربية، وأيضا طمأنة الجانب التركي.

ومع محاولات إيجاد الشريك العربي في شمال شرق سوريا، ليكون الكفة الراجحة أمام القوى الكردية، لم تكن العملية ميسرة باعتبار القوى المحلية العربية غير منظمة، من الناحية السياسية والعسكرية، نتيجة سنوات الحرب وعوامل أخرى، ناهيك عن خوف الكثير من الجهات العربية المحلية من ممارسة العمل السياسي إلى جانب الكرد، وبالفعل كان هناك فراغ عربي كبير في شمال شرق سوريا، حتى الآن ليس بالإمكان التأكد من مدى القدرة على ملء هذا الفراغ.

وفي الحسكة على سبيل المثال، معظم العشائر الكبرى ترتبط بالنظام السوري، وما تبقى من القوى الأخرى المرتبطة بـ “قسد” ليست ذات وزن وهي أساسا تنظر إلى نفسها كقوى تابعة، والرقة ومنبج كذلك الأمر، وليس سرا القول إن القرار يعود للقوة العسكرية المتمثلة بـ “قسد” أولا وأخيرا، لكن ظهرت أزمة القيادة في شمال شرق سوريا، خصوصاً في ريف دير الزور الشرقي لأسباب كثيرة.

وتنامت الأصوات الداعية إلى قيادة عربية متفردة بدير الزور من دون أي تدخل لقوات سوريا الديموقراطية أو مجلس سوريا الديمقراطية، والسبب في ذلك أن الطبيعة الصرفة للقوى العربية، على عكس المزيج الكردي العربي في الحسكة والقامشلي والرقة وحتى منبج، الأمر الذي شكل ردة فعل عربية على سيطرة قسد ومسد على القرار العسكري والمدني.

وسط هذه التناقضات والتعقيدات، كان لا بد من طرح اسم عربي ذي وزن ليكون ممثلا لمصالح وطموحات العرب في دير الزور، وكان الاختيار في البداية على رياض حجاب رئيس الوزراء السوري المنشق، إلا أن هذا الخيار لم يكتب له النجاح بسبب عدم التوافق في الداخل والخارج السوري، والأهم من ذلك علاقة حجاب بقطر والحليفة مع تركيا، وهذا كان نقطة كافية ليكون حجاب خارج التوافق الكردي العربي في شمال شرق سوريا.

تنامت الأصوات الداعية إلى قيادة عربية متفردة بدير الزور من دون أي تدخل لقوات سوريا الديموقراطية أو مجلس سوريا الديمقراطية، والسبب في ذلك أن الطبيعة الصرفة للقوى العربية، على عكس المزيج الكردي العربي في الحسكة والقامشلي والرقة وحتى منبج

أغلب الظن أن الجربا هو الشخص العائد من غياهب التهميش إلى الساحة السورية، ولكن هذه المرة من بوابة المناطقية لا الزعامة على المعارضة السورية، إذ إن الفراغ العربي القائم في شمال شرق سوريا عموما وشرق الفرات خصوصا محط اهتمام الروس والأمريكيين معا، وهنا يمكن أن يتموضع الرجل من جديد، باعتباره الماركة العشائرية الأقوى على الساحة السورية.

منذ العام الماضي، بدأ رئيس تيار الغد أحمد الجربا التودد للجانب التركي، رغم التعقيد الإقليمي في العلاقة المصرية التركية، وكان الهدف ألا يضيع الزعيم العشائري والرئيس السابق للائتلاف كل أوراق اللعبة في سوريا، وجرت عدة زيارات إلى تركيا لتكون معبرا إلى سوريا، بعد ذلك أجرى زيارة إلى ريف القامشلي، لتفعيل علاقاته بالتوازي مع الجانبين الكردي في سوريا وكذلك إقليم كردستان العراق المتينة أصلا.. وفي يونيو (حزيران) الماضي أسس مع شركائه التقليديين في المجلس الوطني الكردي جبهة الحرية والسلام التي أعلنت في بيانها التأسيسي الحوار مع كل أطراف المعارضة، ليؤمن الجربا موطئ قدم سياسي في شمال شرق سوريا، ويكون الوجه العشائري العربي الأكثر قدرة على القيادة من الأمام، لكن الساحة الأكثر مناسبة لوجود الجربا ليست الحسكة أو القامشلي أو منبج، بل دير الزور ااتي تعد الساحة العربية الوحيدة المؤهلة لقيادة عربية.

في المقابل، يزداد دور رئيس المجلس المدني في دير الزور غسان اليوسف، ومطالبته في أكثر من مناسبة مع التحالف الدولي دعم وتمكين الدور العربي في تولي قيادة دير الزور، ولعل مطالب اليوسف سببت أرقا للجانب الأمريكي والكردي معا، وسط تصاعد المطالب على نطاق واسع في شرق الفرات من تولي أبناء المنطقة إدارتها.

وعند طموحات الجربا بدور عربي مؤثر في شمال شرق سوريا، وحصوله على ضوء أخضر روسي أمريكي وحتى كردي إلى حد ما، فإنه من الطبيعي أن يلتقي بوجهاء وممثلين دير الزور، فالعمق العربي للجربا في دير الزور هو الحامل لطموحاته.
وبحسب المصادر والمعطيات، فإن الجربا نشط في الآونة الأخيرة في عدة زيارات إلى أربيل التقى خلالها وجهاء من دير الزور، في إطار العمل المشترك في شمال شرق سوريا.

عودة الجربا هذه المرة من دون ضجيج، إلا أنه أمام رهان كبير على إيجاد حالة توازن محلية، إقليمية، ودولية بين المكون العربي والكردي، فهل يضيع الجربا مثل هذه الفرصة، لا سيما أن أوراقه مفتوحة في دير الزور التي على ما يبدو أنها ستكون أكثر أوراقه بالتعاون مع وجهاء وممثلي المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى