هل تهمش إدارة بايدن الملف السوري
عبدالله الغضوي – كاتب وصحفي سوري
في 24 ساعة كشفت الولايات المتحدة عن بعض التوجهات حول الملف السوري، التصريح الأول عبر وزارة الخارجية الأمريكية حين قال الوزير أنتوني بلينكن إن بلاده لا تؤيد اعتراف إدارة ترامب بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان المحتلة، مشيرا بدلا من ذلك إلى أهمية المنطقة لأمن إسرائيل.
وانتقد وزير الخارجية الوجود الإيراني على الأراضي السورية، مؤكدا أن وجود مثل هذه الميليشيات الإيرانية يشكل تهديدا للأمن الإسرائيلي.
وربط وزير الخارجية الأمريكية بين الوجود الإيراني في سوريا وأمن إسرائيل الذي يعتبر أولوية كبرى بالنسبة للولايات المتحدة وخصوصا إدارة جو بايدن الذي اعتبر نفسه في أكثر من مرة صهيوني في إشارة إلى التزام شديد بأمن إسرائيل.
هذا الربط بين أمن إسرائيل والوجود الإيراني في سوريا، يحمل رسالة تطمينية للرئيس السوري بشار الأسد، إذ ربطت أيضا بعدم اعترافها بضم الجولان إلى إسرائيل مقابل طرد الميليشيات الإيرانية من سوريا.
موظفي وزارة الدفاع ومقاوليها من الباطن ليسوا مخولين مد يد المساعدة إلى شركة خاصة تسعى لاستغلال موارد نفطية في سوريا ولا إلى موظفي هذه الشركة أو وكلائها
التصريح الثاني، كان من وزارة الدفاع الأمريكية، عندما أعلنت أن قواتها في سوريا لم تعد مسؤولة عن حماية النفط، وأن واجبها هو مكافحة تنظيم “داعش” الإرهابي.
وقال المتحدث باسم الوزارة جون كيربي للصحافيين، إن “موظفي وزارة الدفاع ومقاوليها من الباطن ليسوا مخولين مد يد المساعدة إلى شركة خاصة تسعى لاستغلال موارد نفطية في سوريا ولا إلى موظفي هذه الشركة أو وكلائها”.
وأيضا تريد واشنطن أن توحي للأسد أن مسألة النفط ليست بالأهمية القصوى في سوريا، بل إن الحرب المستمرة على تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” هي الأولوية الامريكية في سوريا، ويتزامن هذا مع الضربات القاسية التي يتعرض لها الجيش السوري في البادية وفي دير الزور، إذ بلغ عدد القتلى من الجيش السوري بالعشرات في أقل من شهر واحد.
وليس مستبعدا ان تكون هذه رسالة إلى الأسد أيضا الذي يريد أن يظهر للولايات المتحدة الامريكية انه في ذات الخندق لقتال تنظيم داعش.. ولكن السؤال لماذا لا تعين أمريكا حتى الآن مسؤولا مباشرا للملف السوري على غرار جيمس جيفري وجويل رايبورن.!؟
من خلال المعطيات الأمريكية – حتى الآن- لا يبدو أن واشنطن في صدد تعيين مسؤول خاص للملف السوري، بل يتولى الفريق السابق مسؤولية متابعة هذا الملف عبر مكتب الأمن القومي، خصوصا بعد تعيين الدبلوماسية زهرة بيللي التي كانت ضمن فريق جيفري ورايبون في مكتب الأمن القومي، ما يعني أنها هي المكلفة بتقديم التقارير إلى مجلس الامن القومي الذي يقوم بتحديد سياساته وفق المعطيات العامة للولايات المتحدة في المنطقة وليست بصفة خاصة، وقرأ البعض في هذا عملية تهميش للملف السوري.
ليس من مصلحة الولايات المتحدة تهميش الملف السوري على الإطلاق نظرا للتشابكات الإقليمية والدولية في هذا الملف، وحجم التداخل الدولي على الأرض السورية
لكن الواقع لا يشير إلى ذلك، وليس من مصلحة الولايات المتحدة تهميش الملف السوري على الإطلاق نظرا للتشابكات الإقليمية والدولية في هذا الملف، وحجم التداخل الدولي على الأرض السورية، خصوصا فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني، الذي خرج في اتفاق حزيران 2015 من رحم الأزمة السورية، حين أبرم الرئيس الأسبق باراك أوباما الاتفاق وأطلق يد إيران في سوريا.
وبالتالي لا يمكن بأي حال من الاحوال أن تهمش إدارة بايدن الملف السوري، ربما تعمل على تغيير الأولويات في مرحلة محددة، خصوصا في ظل التحديات الحالة لإدارة أوباما، إلا ان الساحة السورية سوعان ما يمكن التأثير فيها على مستوى اللاعبين الدوليين والإقليميين، وبالتالي تصبح العودة الأمريكية ضرورة لا بد منها.
وإن لم تضع الولايات المتحدة الامريكية مسوؤلا مباشرا للملف السوري، إلا انها ستجد أن الملف يطاردها في رسم سياستها الخارجية خصوصا في الملف النووي الإيراني والعلاقة مع روسيا، وستكون إدارة بايدن في الضفة الخطأ في حال فكرت بالنظر إلى الملف السوري بصورة عامة فقط ومن المصلحة الإسرائيلية، لأن ذلك يطيل في أمد الصراع والتعقيد.