بزنس الجولاني يتضخم باحتكار المحروقات
أحمد إبراهيم (إدلب)
نظرا لأهمية سوق المحروقات واعتباره عصبا للحياة، عمل الجناح الاقتصادي في هيئة “تحرير الشام” منذ عام 2018 مستغلا السيطرة العسكرية على إدلب تحت شعار التنظيم الإداري إلى احتكار تجارة المحروقات وتنظيمها، بما يناسب المصلحة الربحية للهيئة بشكل عام، عن طريق إنشاء شركة “وتد” للمحرقات بالشراكة مع تجار كبار في المنطقة غالبيتهم من ريف حلب.
وبدأت “وتد” عملها من خلال استجرار مشتقات النفط من أوكرانيا، عن طريق شركات تركية وسيطة ومنها شركة يطلق عليها “mt” بحسب ما ذكر مصدر مطلع لـ ” ملفات سوريا” دون ذكر تفاصيل أكثر عن الموضوع، وتدخل “وتد” الديزل من النوع الثاني والبنزين والغاز بصهاريج خاصة بها عن طريق معبر باب الهوى مع تركيا، مع تخفيض رسوم إدخال المحروقات إلى 3 دولارات أمريكية للطن الواحد من الوقود بعد أن كان 5 دولارات.
ومؤخرا أعلنت شركة “كاف” المختصة بتجارة المحروقات عن افتتاح أول محطة لها في مدينة سرمدا شمال إدلب، وكخطوة ترويجية لها وزعت كميات من وقود التدفئة على مجموعة من النازحين حسب ما وصفتهم عبر معرفاتها الخاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
إلا أن الإعلان عن الشركة الجديدة في سوق المحروقات لم يأتِ عبثا، فالعملية عبارة عن تجزئة شركة “وتد” إلى أجزاء، لتسهيل عملية المراقبة المالية، وعدم وضع الموارد المالية في سلة واحدة، وتسويق وجود جو تنافسي مدني، وتغييب الطابع العسكري الطاغي لهيئة “تحرير الشام” على سوق المحروقات في إدلب، بحسب المحلل الاقتصادي والسياسي السوري يونس الكريم لـ “ملفات سوريا”.
وتحرص شركة “كاف” على إبقاء أسعار المحروقات في محطتها الوحيدة حاليا بأقل بعدة قروش تركية من الأسعار في المحطات التابعة لشركة “وتد” والمنتشرة في أغلب مناطق سيطرة “تحرير الشام”، فسعر الديزل المستورد لدى شركة “كاف” 4.78 ليرة تركية، والبنزين 4.75 ليرة تركية، والديزل المعالج محليا 3.93 ليرة تركية، أما أسعار شركة “وتد” للديزل 4.80 ليرة تركية، والبنزين 4،76، والديزل المعالج محليا 3.95.
وتتميز شركة “وتد” بأنها مازالت المصدر الوحيد للغاز المنزلي كونها تضع يدها على معملي ضغط الغاز في منشأة الساد كوب على مدخل مدينة إدلب الشرقي، ومعمل باب الهوى شمال مدينة سرمدا، وبحسب نشرة أسعار المحروقات التي تصدرها يوميا، فسعر أسطوانة الغاز وزن 24 كغ 73.50 ليرة تركية، ويجب عدم إغفال أن الأسعار بتغير شبه يومي.
فالعملية بحسب يونس الكريم مركبة متعلقة أيضا بسعر صرف الليرة التركية مقابل الدولار الأمريكي بعد إخراج الليرة السورية من معادلة أسعار المحروقات، فالسعي ليس فقط للاستحواذ على السوق، وإنما تحقيق الربح بشكل منظم عن طريق أكثر من شركة تتبع لمصدر واحد.
فسواء شركة “وتد” أم شركة “كاف” وحتى شركة “الشهباء” وهي في طور الإنشاء حاليا، فهي عبارة عن شركات تحت إشراف مصطفى قديد “أبو عبد الرحمن الزربة” أبرز المسؤولين في الجناح الاقتصادي لهيئة “تحرير الشام”، والذي يدير قطاع المحروقات في إدلب، تحت القناع المدني المتمثل بحكومة الإنقاذ التي يقتصر دورها في هذا الموضوع على إصدار تراخيص لهذه الشركات.
فتسعى “تحرير الشام” من وراء إنشاء شركات مختصة بتجارة المحروقات إلى جانب شركة “وتد”، إلى تخفيف الضغط عنها من ناحية تحويل الأموال وخاصة مع العقوبات الدولية المفروضة على الهيئة، وكذلك للتخفيف على الوسطاء خارج سوريا، وتوزيع حجم الاستيراد على أكثر من شركة، وإدارة أموال “الهيئة” بتجاوز لصلاحيات حكومة الإنقاذ، بحسب “الكريم”.
وتسعى كذلك إلى امتصاص غضب المواطنين في إدلب من الارتفاع المستمر للأسعار واحتكار تجارة المحروقات، على الرغم من توفرها بشكل جيد، إلا أنه لا يتناسب مع القدرة المالية للمواطن، عن طريق القول بوجود شركات منافسة تحاول تقديم أفضل الأسعار.
أيا كانت الوسائل فالنتيجة واحدة بالنسبة للمواطن في إدلب، ارتفاع في الأسعار وتحكم في سوق المحروقات لا ينفيه وجود أكثر من شركة، مع تبعيتها لجهة واحدة وتحت حمايتها، مع التحكم الكامل بالمعابر حتى مع مناطق الجيش الوطني شمال غرب حلب.