جمال سليمان: المعارضة لم تستطع طرح بديل للأسد
حاوره جلال سيريس
كشف عضو اللجنة الدستورية السورية جمال سليمان في حوار مع “ملفات سوريا”، عن التوصل إلى جدول أعمال للجنة الدستورية، بعد أن كان وفد النظام يصر على تحويل اللجنة إلى منبر إصدار للبيانات، والابتعاد عن عملية الإصلاح الدستوري، وأشار أن سوريا خلال السنوات العشر الماضية تحولت إلى ساحة صراعات إقليمية ودولية، بالإضافة إلى التدخل الخارجي وتشابك الأجندات الذي أطال من أمد الأزمة.
وقال “سليمان” إن أطراف المعارضة السورية كافة متفقة على انتهاء صلاحية النظام السياسي في سوريا، ولكنها لم تستطع حتى اللحظة طرح بديل.
وأشار إلى أن المصلحة الوطنية السورية تقتضي إبعاد أي هيمنة لأي طرف من الأطراف الدولية على هيئة التفاوض (في إشارة منه إلى تركيا)، بل الاقتصار على دور عربي قوي وفاعل، منوهاً إلى أنَّ الحل في سوريا لن يتم إلا من خلال المفاوضات.
وإلى تفاصيل الحوار:
اللجنة الدستورية انعقدت للمرة الثالثة، بين الأولى والثانية والثالثة ما الجديد؟
الجديد هو الاتفاق على جدول أعمال في سياق ولاية اللجنة الدستورية، وهو أمر يبدو بديهياً وكان من المفترض أن يتم بشكل أكثر سلاسة، لكن وفد مرشحي الحكومة الذي يسعى لتجنب الدخول في صلب اعمال اللجنة، كان يرفض أي جدول اعمال في إطار عملية الإصلاح الدستوري وأراد تحويل اللجنة الى منبر لإصدار بيانات سياسية وهو ما يخالف ولايتها والهدف من تشكيلها.
وجود المنصات يعني تأثير عدد من الدول على هيئة التفاوض، هل تتحمل سوريا تدخل دولي سياسي بتوجهات مختلفة داخل الهيئة؟
ليس سراً أن أحد أسباب استمرار الصراع في سوريا هو التدخل الخارجي وتشابك الأجندات، فالتدخل الخارجي كما هو معروف لم يكن من ناحية المعارضة فقط بل على ناحية النظام أيضا. وبات معروفاً أيضاً أن هذا الصراع لم يكن حول سوريا فقط بل أيضا – وربما أولاً – حول مسائل إقليمية ودولية شائكة ومعقدة اتخذت سوريا ساحة للصراع حولها.
رؤى أطراف المعارضة اتفقت على أن النظام السياسي القائم لم يعد صالحاً لسوريا، ولكنها لم تتفق على البدائل، وهذه طبعا ليست مسائل ثانوية
في الأصل ولدت كتل المعارضة المختلفة نتيجة التباين على عدد من القضايا منها الموقف من حمل السلاح، وكذلك الموقف من ظهور الجماعات الإسلاموية المتطرفة ذات الأهداف العابرة للقضية السورية وللشأن الوطني السوري.
وأيضاً تباين الموقف من مسألة التدخل الخارجي والقياس على ماجرى في ليبيا وقبلها في العراق.
أضف إلى ذلك عدم وضوح الرؤية حول المستقبل السياسي لسوريا، صحيح أن رؤى أطراف المعارضة اتفقت على أن النظام السياسي القائم لم يعد صالحاً لسوريا، ولكنها لم تتفق على البدائل، وهذه طبعا ليست مسائل ثانوية، خاصة بعد تجربة العراق ما بعد صدام حسين، ولكن كل ذلك لا يعني أن مشاكل المعارضة كانت داخلية بحتة بل صارت مع تطور الأحداث وطول أمد الصراع وتوغل اللاعبين الدوليين والإقليميين في الشأن السوري تتأثر بشكل سلبي بالعوامل الخارجية.
لماذا رفضت منصة القاهرة حضور انتخابات هيئة التفاوض الأخيرة؟ وهل يعتبر هذا انشقاقا عن هيئة التفاوض؟
ليست منصة القاهرة وحدها من قاطع الاجتماع بل منصة موسكو وهيئة التنسيق أيضا، لكن هذا لا يعني بحال من الأحوال انشقاقا عن هيئة التفاوض، فجميع الأطراف تبدي حرصا على وحدة هيئة التفاوض واستمرار دورها السياسي الوطني؛ ولكن لم يعد سراً أن هناك خلافات داخلية تتعلق بالرغبة في إعادة التوازن إلى الهيئة من أجل مزيد من قوتها التمثيلية واستقلاليتها، وهو خلاف أخذ وقتا أطول من اللازم وعلينا جميعا أن نعمل لحله على قاعدة المصلحة العامة.
يتهم البعض منصة القاهرة بالعمل على إبعاد تركيا بدعم من الإمارات والسعودية عن “الهيئة”، وخصوصاً بعد الاختلاف على موضوع المستقلين، ما ردك؟
إنه تصوير غير منصف لموقفنا، إن مصلحة المعارضة والمصلحة الوطنية بشكل عام تقتضي العمل على تجنب أي هيمنة لأي طرف من الأطراف على هيئة التفاوض، نحن لا ننكر حجم التأثير التركي على القضية السورية، وذلك بسبب الحدود البرية الشاسعة التي تربطنا بتركيا، وكذلك بسبب وجود ملايين من أهلنا السوريين كلاجئين منتشرين في كل المدن التركية، وأيضاً بسبب وجود تركيا في مجموعة الآستانا، بالمقابل علينا أن نتذكر بأن سوريا بلد عربي وسيبقى عمقها الاستراتيجي عمقاً عربياً، بالتالي فإن المصلحة الوطنية السورية تتطلب دوراً عربياً قوياً وفاعلاً.
عدم التعويل على المفاوضات والحل السياسي التفاوضي نظرية عمرها من عمر ولادة مبادرة كوفي عنان في نقاطها الست أوائل عام 2012 وقبلها مبادرة جامعة الدول العربية أواخر عام 2011 وبعدها تفاهمات جنيف في منتصف عام 2012
ومن ناحية أخرى فإن الدول العربية وعلى رأسها مصر ودول الخليج تنظر إلى سوريا على أنه بلد عربي وما يجري فيها يمس أمنها القومي ولا يمكن لها أن تقف متفرجة على توسع النفوذ التركي والإيراني أيضاً في الشأن السوري.
البعض لم يعد يعول على المفاوضات مع النظام، وخصوصاً بعد التراخي الدولي، وتوسع سيطرة الجيش.. فماذا تتوقعون في لحظة الضعف؟
نظرية عدم التعويل على المفاوضات والحل السياسي التفاوضي نظرية عمرها من عمر ولادة مبادرة كوفي عنان في نقاطها الست أوائل عام 2012 وقبلها مبادرة جامعة الدول العربية أواخر عام 2011 وبعدها تفاهمات جنيف في منتصف عام 2012، كما أن النظام كان يعول على الحسم العسكري، كان هناك أطرافا من المعارضة تعول عليه أيضا وبالتالي كانت السياسة – رغم الكلفة الباهظة للصراع المسلح- مجرد مسار ثانوي، لكن الصراع المسلح لم يحسم لأي من الطرفين – رغم عودة سيطرة النظام على مساحات كبيرة كان قد فقدها سابقا – وعندما يقول طرف من الأطراف إنه لا يعول على المفاوضات، عليه أن يكمل ويقول على ماذا يعول إذا؟ القضية السورية لن تنتهي إلا بالتفاوض، وهذا مسار طويل ومعقد ويسير رغما عن إرادتنا على إيقاع التفاهمات الإقليمية والدولية، وهذا ما يجعله معقدا وبطيئا ويبدو أحيانا كأنه سراب لا يرتجى.
هل تعتقد أن عقوبات قانون قيصر على النظام تسرع العملية السياسية؟ أم أنها ستوقف فقط ملف إعادة الإعمار؟
الحل السياسي وإعادة البناء مسألتين مترابطتين، أقله حتى الآن.